مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٢١٥
تبدو إمارات الكريم بوجهه من بشره وحيائه وسجوده فالقصيدة تؤكد أن الممدوح هو محمد بن سلامة، ولكن الديوان لا يعرف به، وهو غير وارد في ديوان عبد المحسن الصوري المعاصر للتهامي.
فمن هو إذا؟
للجواب على ذلك، نقول:
هناك شخص واحد يحتمل أن يكون المقصود في الديوان هو محمد بن سلامة بن جعفر... أبو عبد الله القاضي القضاعي المصري الفقيه الشافعي، قاضي الديار المصرية في الدولة الفاطمية، وكان قد نزل صور وطرابلس، فسمع بطرابلس من أبي القاسم حمزة بن عبد الله الشامي الأطرابلسي. وأبي الحسن لبيب بن عبد الله الأطرابلسي. وجلس هو للحديث، فحدث بكتاب الشهاب من تصنيفه، فسمعه بها شيخ من أهل جبيل هو مكي بن الحسن المعافى السلمي الجبيلي.
وكان القاضي القضاعي قد ذهب رسولا إلى القسطنطينية من قبل الخليفة الفاطمي، وجاء في تاريخ دمشق لابن عساكر ما نصه:
وقال أبو الفتح نصر الله بن محمد الفقيه: سمعت أبا الفتح نصر بن إبراهيم الزاهد يقول: قدم علينا القاضي أبو عبد الله القضاعي صور رسولا للمصريين إلى الروم، فذهب ولم أسمع منه، ثم إني رويت عنه بالإجازة، يعني أنه لم يرضه في أول الأمر لدخوله في الولاية من قبل المصريين....
فلعل التهامي التقى بالقضاعي في صور وهو في رحلته رسولا إلى القسطنطينية، وهذا ما نرجحه.
ونعود مع التهامي إلى طرابلس حيث يمدح قاضيها أبا الحسين بن عبد الواحد، ويعطينا من خلال شعره بعض المعلومات التي يمكن أن نضيفها إلى ما نعرفه عن سيرته من المصادر التاريخية الأخرى.
فمن هو قاضي طرابلس؟.
هو: أبو الحسين علي بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن الحر حيدرة بن سليمان بن هزان بن سليمان بن حيان بن وبرة المري الطرابلسي الكتامي وهو مغربي من قبيلة كتامة، أشهر القبائل المغربية التي قامت على أكتافها الدعوة الفاطمية. وكان محدثا، أخذ عن محدث طرابلس ومسندها الكبير خيثمة بن سليمان بن حيدرة وهو من بني حيدرة، وغيره. وله كتاب روى فيه عن أبيه عبد الواحد. وأسرة حيدرة من الأسر المشهورة بطرابلس في ذلك العصر، ومنها أبناء حيدرة الذين كانوا فيها حين نزلها أبو الطيب المتنبي حول سنة 336 ه.
وقد لعب القاضي أبو الحسين دورا مهما في تاريخ طرابلس، وأسهم في هزيمة الإمبراطور البيزنطي باسيل الثاني مرتين، وكان هو المستولي على النظر في طرابلس وفي سائر الحصون، من نواحي جونية وجبال العاقورة والمنيطرة في الجنوب، حتى نواحي مدينة حلب وإعزاز في الشمال. كما كان له دوره في القضاء على حركة العلاقة في مدينة صور، وتثبيت النفوذ الفاطمي في سواحل الشام. كما أن منصبه الديني كقاض، وهو بمثابة داعية فاطمي، كان يجعله متمتعا بصلاحيات واسعة، بحيث تفوق صلاحيات والي المدينة، وقائد جيشها.
وتبدأ المصادر التاريخية بذكره في معرض الحملة الأولى للامبراطور باسيل إلى بلاد الشام، في سنة 385 ه. 995 م فقد أخرج الخليفة الفاطمي العزيز قائده منجوتكين إلى حلب لينتزعها من سعيد الدولة، فأرسل سعيد الدولة يستنجد بالإمبراطور قائلا في رسالته إليه: متى أخذت حلب أخذت أنطاكية، ومتى أخذت أنطاكية أخذت قسطنطينية.
وعلى الرغم من أنه كان مشغولا بالقتال في الجبهة البلغارية فقد قرر باسيل المضي بنفسه إلى حلب، فعاد إلى عاصمته القسطنطينية وخرج منها على رأس جيش ضخم قوامه 40 ألفا، عبر به إقليم الثغور، حيث انضمت إليه مجموعات كبيرة من عساكرها، ووصل إلى أنطاكية، فصحبه ميخائيل البرجي بعساكره، ومعه قائده مليسينوس.
ولما وصل باسيل إلى حلب، خرج إليه سعيد الدولة وجدد معه معاهدة التحالف بين القسطنطينية وحلب، التي تضمنت شروطا في صالح التجار المسيحيين المقيمين في حلب. وأقام باسيل يومين عند حلب، ثم رحل في اليوم الثالث، فنزل على شيزر واستولى على حصنها بعد مقاومة صاحبه منصور بن كراديس، التي لم تدم سوى يوم واحد. وقرر له مالا وثيابا مقابل تسليم الحصن، ووضع فيه نوابه وثقاته. وتحول بعد ذلك إلى حمص ففتحها، وكذلك رفنية. ونهب وسبى منهما سبيا كثيرا، وأحرق وغنم. وفي طريقه إلى طرابلس أغار على عسكره جماعة من العرب، فأسر عددا منهم، وواصل سيره حتى نزل على طرابلس وحاصرها. فراسله وإليها ابن نزال في جمع من أهلها لابرام الاتفاق مع الإمبراطور.
وهنا يبرز دور قاضي طرابلس ابن حيدرة على مسرح الأحداث، فيتزعم حركة الصمود في وجه البيزنطيين، ويقود حملة مناهضة ضد والي المدينة ومن معه، وينضم إليه العسكر والأهالي منادين بالجهاد وقتال العدو، وطرد وإليهم المتخاذل من بين ظهرانيهم. واتخذوا قرارا بتعيين آخر مكانه، ولما أراد الوالي العودة إلى البلد، أغلق أهلها الباب في وجهه ومنعوه من دخولها، ثم أخرجوا أفراد أسرته إليه، واستعدوا للقتال. فأقام باسيل محاصرا لطرابلس نيفا وأربعين يوما. وبذل قصارى جهده لفتحها، ولكنه واجه مقاومة عنيدة من المدافعين عنها، ولم يستطع أن ينقب ثغرة في أسوارها أو ينل من تحصيناتها. ووصف المؤرخ ابن القلانسي مناعة ثغر طرابلس بقوله:... وهو بري بحري، متين القوة والحصانة، شديد الامتناع على منازله....
ولما لم يجد الإمبراطور فرصة في اقتحام طرابلس، رفع حصاره وارتد عنها حسيرا مصطحبا ابن نزال معه، فنزل على أنطرسوس وهي خراب، فعمر حصنها، وشحنه بأربعة آلاف من الأرمن والمقاتلة، ورحل إلى أنطاكية، وهناك عين البطريق الدوقس داميانوس وأوكل إليه أمر المحافظة على ممتلكات الإمبراطورية في الشرق، وحماية مدينة حلب من النفوذ الفاطمي، ومهاجمة طرابلس التي كانت تمثل القاعدة الاسلامية المتقدمة على ساحل الشام في البر والبحر، فقام داميانوس بغزوة إليها بعد تعيينه مباشرة
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370