مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٢١٦
وكبسها ليلا، وأخذ ربضها، وأسر كثيرا. ثم غزاها ثانية بعد ثلاثة أشهر فوصل إلى عرقة وسبى منها جماعة، وعاد في السنة التالية فغزاها للمرة الثالثة وسبى من بلادها كثيرا. وإزاء هذا، عزم الخليفة الفاطمي العزيز أن يخرج بنفسه لقتال البيزنطيين، وأمر بتجهيز حملة برية بقيادة جيش بن الصمصامة فدخلت طرابلس، كما أمر بانشاء أسطول بحري ليسير معه بحرا إلى طرابلس. وفيما كان العزيز يحشد العساكر في القاهرة، ورد عليه رسول سعيد الدولة بن حمدان يطلب الصفح، فأجيب إلى ذلك، واعترف ابن حمدان بخلافة العزيز.
وبعد طرد ابن نزال من طرابلس، عين جيش بن الصمصامة واليا عليها في سنة 385 ه. وبضعة أشهر من سنة 386 ه. ثم علي بن جعفر بن فلاح، ثم الأمير تميم التنوخي، ثم ميسور الصقلبي، فيما كان ابن حيدرة يتولى قضاءها وحكمها. وظل دوره بارزا أكثر من خمسة عشر عاما.
وحدث في سنة 387 ه. 997 م أن ثار أهل دمشق ضد القائد سليمان بن جعفر والحكم الفاطمي، وتغلب الأحداث عليها برئاسة رجل منهم يعرف ب‍ الدهيقين. وقامت في السنة ذاتها ثورة في مدينة صور، وعصى أحداثها ورعاعها على الحاكم بأمر الله، وأمروا عليهم رجلا ملاحا من رجال البحرية يعرف ب‍ العلاقة وقتلوا أصحاب الخليفة وموظفيه. وقام العلاقة بضرب السكة باسمه، ونقش عليها: عز بعد فاقة، وشطارة بلباقة، للأمير علاقة.
واتفق أن المفرج بن دغفل بن الجراح الذي كان متواطئا مع هفتكين السلجوقي المتولي على دمشق نزل في ذلك الوقت على مدينة الرملة، ونهب ما كان في السواد، وأطلق يد العيث في البلاد. فاستغل الإمبراطور باسيل هذه الاضطرابات التي تشهدها الشام، وانحسار النفوذ الفاطمي، لتحقيق أطماعه التوسعية، وراح يبذل جهده لتأليب أصحاب مدن الشام على الخليفة الفاطمي ليبث الفرقة بين القوى الاسلامية، وأمر قائده على أنطاكية داميانوس ليقوم بالغارة على أراضي المسلمين. إلا أن أطماع باسيل لم تتحقق، إذ غادر الدهيقين دمشق إلى مصر طائعا، وعادت دمشق للفاطميين، وسحقت حركة العلاقة في صور، واستسلم ابن الجراح للقوات الفاطمية، ولقي داميانوس أخيرا مصرعه، وانهزمت قواته.
وقد أسهم القاضي ابن حيدرة بشكل مباشر في:
1 القضاء على حركة العلاقة بصور في شهر جمادى الآخرة سنة 388 ه 998 م.
2 مقاتلة داميانوس عند أفامية، وإلحاق الهزيمة بالبيزنطيين بعد مصرع قائدهم، في السنة نفسها.
3 هزيمة الإمبراطور باسيل للمرة الثانية عند أسوار طرابلس في أول سنة 390 ه. 999 م.
فعلى جبهة صور، خرج ابن حيدرة بأسطول طرابلس البحري وتصدى لمراكب البيزنطيين التي أتت لمساعدة العلاقة في ثورته ضد الفاطميين، كما خرج أسطول فاطمي من صيدا، وتمكنت المراكب الاسلامية من الانتصار على الأسطول البيزنطي، واستولى المسلمون على مركب من مراكبهم، وقتلوا جميع رجاله، وعدتهم 150 رجلا، وقيل 200 رجل.
وعلى جبهة أفامية عند نهر العاصي، خرج ابن حيدرة بجند طرابلس والمتطوعة من عامتها، ومعه وإليها ميسور الصقلبي، وانضموا إلى جيش بن الصمصامة الذي كان يقود جيش الشام، فقاتلوا داميانوس وهزموا قواته بعد أن كاد يهزمهم، وصرعه أحد المقاتلين الأكراد.
وإزاء خيبة آمال باسيل في إضعاف النفوذ الفاطمي، ولما كان مشغولا في ذلك الوقت بمقاتلة البلغار، فقد حرص على تامين حدود امبراطوريته الشرقية، ولذا أرسل يطلب عقد هدنة مع الحاكم بأمر الله، ولكن الخليفة لم يجبه إلى رغبته بعد أن أحرزت عساكره الانتصارات المتتالية، فعقد باسيل العزم على الخروج بحملة جديدة إلى الشام لاسترداد هيبته بعد مقتل قائده وهزيمة قواته.
خرج الإمبراطور إلى الشام، بعد أن عين قائدا لقواته في بلغاريا، ونزل بجسر الجديد في شوال سنة 389 ه. 999 م وسار إلى أفامية فمر بسهولها حيث قتل داميانوس، وأمر بتشييد كنيسة هناك تخليدا لذكراه. ثم توجه إلى شيزر فحاصرها حتى اضطر صاحبها ابن كراديس لتسليمها له للمرة الثانية بعد أن قطع عن حصنها الماء، وخرج منها بعساكره، وصحبه عدد كبير من سكانها، وتوجهوا إلى حماة وحلب وبعلبك، فشحنها باسيل بالأرمن وانتقل منها إلى حصن أبي قبيس، فأخذه بالأمان، ثم راح بعد ذلك يخرب ويحرق ويدمر، فخرب حصن مصياف ونزل على رفنية فأحرقها وسبى أهلها، واستمر يحرق ويسبي ويخرب، إلى أن بلغ حمص فنزلها، وأحرق جنوده جماعة من أهلها اعتصموا بكنيسة مار قسطنطين. ثم انحدر إلى الساحل، فهاجم عرقة وأحرقها، وهدم حصنها، ثم نزل على طرابلس في شهر ذي الحجة آخر سنة 389 ه. كانون الأول آخر سنة 999 م. وزحف عسكره على حصنها في اليوم الثالث لنزوله، فكانوا كناطح صخرة.
ويبدو أن الإمبراطور طلب أثناء زحفه من أسطوله البحري أن يأتيه بالمدد، ويساعده على حصار طرابلس، حيث وصل إليه في البحر وهو نازل على طرابلس شلنديان يحملان لدوابه المؤن والعلف، فتقوى بها عسكره، إذ كانت دواب عسكره قد مات أكثرها في الطريق من حمص لشدة البرد، وقام ببث بعض سراياه على طول الساحل، فاتجه بعضها إلى جبلة في الشمال، وبعضها إلى جبيل وبيروت في الجنوب، فوقع في أيديها كثير من السبي والأسرى المسلمين، وجئ بهم إلى الإمبراطور فشحنهم في الشلنديان، وسيرهما إلى بلاده لبيعهم رقيقا في أسواق إزمير، وسالونيكا والقسطنطينية.
ولبث باسيل محاصرا لطرابلس 11 يوما، وصمد أهلها بقيادة القاضي ابن حيدرة وقائد عسكرها ميسور الصقلبي. وفي هذه الأثناء وصلته السفن الحربية، فقام في اليوم الثاني عشر الثلاثاء مستهل المحرم سنة 390 ه. بالهجوم على المدينة من البر والبحر، ونشبت معركة رهيبة على الجبهتين، أسفرت عن هزيمة ساحقة للامبراطور، ومقتل وجرح عدد كبير من جنوده. وأمام هذه الهزيمة الثانية له أمام طرابلس اضطر أن يلملم فلوله،
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370