مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٢٧٥
إن العفة رفعت الشريف الرضي الزاهد إلى مكانة الرجل المحرم لا في مناسبات الحرام وحدها، بل في جميع عشقياته التي سبح فيها للجمال مستنبطا منه الأزلية الإلهية وأناشيد الشوق الكونية، وكيف لا وهو القائل:
أنا مولى لشهوتي * وسواي عبد لها ويلعب الرقيب الأخلاقي، الذي لم يكن إلا ضمير الشريف الرضي، دورا حاسما في تقرير شكل العلاقة المتبادلة مع المحبوب. والتي تحتويها أصلا وابتداء روحية جمالية مفرطة التنافث.
كان الشريف الرضي، بدافع رقيبه الداخلي يتعفف، وكان بدافع عين الرقيب الخارجي المتلصص، يختار التجنب والصدود، رغم اللوعة، فكان يقول:
ألا أيها الركب اليمانون عهدكم * على ما أرى بالأبرقين قريب وإن غزالا جزتم بكناسه علي الناي عندي والمطال حبيب ولما التقينا دل قلبي على الجوى * دليلان حسن في العيون وطيب ولي نظرة لا تملك العين أختها * مخافة يثنوها علي رقيب وهل ينفعني اليوم دعوى براءة * لقلبي ولحظي يا أميم مريب وما يراه جمهور الوشاة، والمنافقين، والصغار، من معايب في الكبار السامقين، المعاميد في العشق والحكمة والحياة، يتضخم، لأن الشخص الكبير بعقله، وشجاعته، وكرمه، حيث يكون مرموقا، فإنه يكون محط افتراء المفترين وتشويه المشوهين، فيكثر الاختلاق، وتتناوشه سهام المتعرض، فيلجأ الشاعر إلى سلاحه، وهو القصيدة، فيوجه الهجو إلى من ينتقص منه، أما السياسي فيلجأ إلى سلاح الحكمة، وتختلف الأسلحة عند الشعراء، والسياسيين، والحكماء، والفرسان، غير أنها تتنوع وتتلازم عند الشريف الرضي، لأنه الشاعر، والسياسي، والحكيم، والفارس، فقال حكيما:
نزل المسيل وبات يشكو سيله * إلا علوت فبت غير مراقب جمع المثالب ثم جاء تعرضا * بالمخزيات يدق باب الثالب وإذا اجتمعت على معايب جمة * فتنح جهدك عن طريق العايب أو يكيل الصاع صاعين بالحكمة نفسها، ومن مقامه الرفيع قائلا:
وإن مقام مثلي في الأعادي * مقام البدر تنبحه الكلاب رموني بالعيوب ملفقات * وقد علموا باني لا أعاب وأني لا تدنسني المخازي * وأني لا يروعني السباب ولما لم يلاقوا في عيبا * كسوني من عيوبهم وعابوا وكذلك:
وجاهل نال من عرضي بلا سبب * أمسكت عنه بلا عي ولا حصر حمته عني المخازي أن أعاقبه * كذاك تحمى لحوم الذود بالدبر وكان إذا انفعل فيه روح الشاعر شديد الهجاء، قوي التعرض، يهجم هجمة الفارس، الأنوف، المتعالي على الأردياء، كقوله:
لعل الدهر أمضى منك غربا * وأقوى في الأمور يدا وقلبا ومقلته إذا لحظت حسامي * تغض مهابة وتفيض رعبا فكيف وأنت أعمى عن مقالي * ولو عاينته لرأيت شهبا عذرتك أنت أردى الناس أصلا * وأخبث منصبا وأذل جنبا وأنت أقل في عيني من أن * أروعك أو أشن عليك حربا أأعجب من خصامك لي وجدي * رسول الله يوسع منك سبا ومن رجم السماء فلا عجيب * يقال حثا بوجه البدر تربا فإنك إن هجوت ليثا * وإني هجوت هجوت كلبا السيرافيان وقال الشيخ محمد رضا الجعفري معلقا على بعض ما نشر عن الشريف الرضي: من هو ابن السيرافي هذا؟
والسيرافيان اللذان عاصرهما الشريف، هما:
الأب: الحسن بن عبد الله بن المرزبان، أبو سعيد السيرافي، ثم البغدادي، المعتزلي، الحنفي 284 897 368 979 أحد أعلام العلم والأدب واللغة.
كان أبوه مجوسيا اسمه بهزاد فاسلم وسماه أبو سعيد عبد الله. ولد أبو سعيد بسيراف، وفيها نشأ، ثم هاجر إلى بغداد فسكنها حتى توفي عن أربع وثمانين سنة، كان يدرس كما قال عنه المترجمون له القرآن، وعلومه، والقراءات، والنحو، واللغة، والفقه، والفرائض والكلام، والشعر، والعروض، والحساب، وكان من أعلم الناس بنحو البصريين، معتزلي العقيدة، حنفي المذهب، ولي قضاء بغداد وكان نزيها، عفيفا، جميل الأمر، حسن الأخلاق، لم يأكل إلا من كسب يده، ينسخ ويأكل منه، حتى أيام قضائه، وله كتب كثيرة في القراءات، والنحو، وغيرها (1).
والابن: يوسف بن الحسن، أبو محمد، بن السيرافي، البغدادي 330 941 385 995 وكان عالما بالنحو، والأدب، واللغة، أخذ عن والده، فخلفه في جميع علومه، وتصدر مجلسه بعد موته، وأكمل كتبه التي مات ولم يكملها، وألف كتبا عدة، وكان يرجع إلى علم ودين، رأسا في العربية (2).
فأيهما الذي حضر عليه الشريف؟
يقول الدكتور الحلو أنه الأب، أبو سعيد نفسه، لا ابنه أبو محمد، ابن السيرافي (3) ثم يتناوله بتفصيل أكثر فيقول:
ويرى الدكتور إحسان عباس أنه: ربما كان من الوهم أن نعد أبا سعيد السيرافي واحدا من أساتذة الرضي... لأن السيرافي أبا سعيد توفي وعمر الرضي يقل عن ثمان سنوات... وابن السيرافي المشار إليه فيما أعتقد هو: ابن أبي سعيد يوسف وقد توفي... ورثاه الرضي... وقد خلف يوسف أباه في علومه (4) وقد رد الأستاذ محمد عبد الغني حسن هذا الرأي،

(١) تاريخ بغداد: ٧ / ٣٤١ - ٣٤٢، (ابن) النديم / ٦٨، المنتظم: ٧: ٩٥، الأنساب: ٧ / ٣٣٩ - ٣٤٠، إنباه الرواة: ١ / ٣١٣ - ٣١٥، ابن خلكان: ٢ / ٧٨ - ٧٩، ياقوت: ٣ / ٨٤ - ١٢٥، سير أعلام النبلاء: ١٦ / ٢٤٧ - ٢٤٨ ومصادر كثيرة أخرى.
(٢) المنتظم: ٧ / ١٨٧، إنباه الرواة: ٤ / ٦١ - ٦٣، ياقوت: ٧ / ٣٠٧، ابن خلكان:
٧ / ٧٢ - ٧٤، سير أعلام النبلاء: ١٦ / 248 - 249، وغيرها.
(3) ديوان الشريف الرضي: 1 / 82.
(4) الدكتور إحسان عباس، الشريف الرضي / 39 - 40.
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370