مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٢٧٢
أبدي التجلد للعدو ولو درى * بتململي لقد اشتفى أعدائي ما كنت أذخر في فداك رغيبة * لو كان يرجع ميت بفداء فارقت فيك تماسكي وتجملي * ونسيت فيك تعززي وإبائي وصنعت ما ثلم الوقار صنيعة * مما عراني من جوى البرحاء كم زفرة ضعفت فصارت أنة * تممتها بتنفس الصعداء لهفان أنزو في حبائل كبة * ملكت علي جلادتي وغنائي وجرى الزمان على عوائد كيده * في قلب آمالي وعكس رجائي قد كنت آمل أن أكون لك الفدا * مما ألم فكنت أنت فدائي لو كان مثلك كل أم برة * غني البنون بها عن الآباء كيف السلو وكل موقع لحظة * أثر لفضلك خالد بإزائي فعلات معروف تقر نواظري * فتكون أجلب جالب لبكائي ويختتم القصيدة:
صلى عليك وما فقدت صلاته * قبل الردى وجزاك أي جزاء لو كان يبلغك الصفيح رسائلي * أو كن يسمعك التراب ندائي لسمعت طول تأوهي وتفجعي * وعلمت حسن رعايتي ووفائي كان ارتكاضي في حشاك مسببا * ركض الغليل عليك في أحشائي وفي جميع قلبيات الشريف الرضي، تدور العين، فيستشعر الشريف الرضي الجمال فيراه بميزان العين ثم يختمه بختم القلب، فما كان يدري الحب إلا بعد أن تعرضت العين إلى العين فقال:
وما كنت أدري الحب حتى تعرضت * عيون ظباء بالمدينة عين فوالله ما أدري الغداة رميننا * عن النبع أم عن أعين وجفون بكل حشى منا رمية نابل * قوي على الأحشاء غير أمين فررت بطرفي من سهام لحاظها * وهل تتلقى أسهم بعيون وقالوا أنتجع رعي الهوى من بلاده * فهذا معاذ من جوى وحنين جلون الحداق النجل وهي سقامنا * ووارين أجيادا وسود قرون ولولا العيون النجل ما قادنا الهوى * لكل لبان واضح وجبين يلجلجن قضبان البشام عشية * على ثغب من ريقهن معين ترى بردا يعدي إلى القلب برده * فينقع من قبل المذاق بحين تماسكت لما خالط اللب لحظها * وقد جن منه القلب أي جنون وما كان إلا وقفة ثم لم تدع * دواعي الهوى منهن غير ظنوني نصصت المطايا أبتغي رشد مذهبي * فأقلعن عني والغواية دوني وقوله في واحدة من لواحق الحجازيات، ذاكرا فعل اللحظ:
يا رفيقي قفا نضويكما * بين أعلام النقا والمنحنى وانشدا قلبي فقد ضيعته * باختياري بين جمع ومنى عارضا السرب فان كان فتى * بالعيون النجل يقضي فانا إن من شاط على ألحاظها * ضعف من شاط على طول القنا وقوله:
يا صاحبي تروحا بمطيتي * إن الظباء بذي الأراك سلبنني سيرا فقد وقف الطعين لما به * مستسلما ونجا الذي لم يطعن ما سرني وقنا اللحاظ تنوشني * أني هناك قتيل غير الأعين وقد كان عشق الشريف الرضي معايشة رضية بين الحب والزهد... ورث الزهد وراثة روحية، كما ورثه وراثة ثقافية. وفي تاريخ الشعر العربي، كان الشعراء الزهاد موجودين منذ القرون الهجرية الأولى، وهم أسبق من الشعراء العذريين، ومنهم عبد الرحمن بن أبي عمار الشهير بالتعس، وعروة بن أذينة، ويحيى بن مالك وغيرهم.
بعبارة أخرى إن الشعر العربي نقل خطا بيانيا لأفكار الزهد من خلال الشعراء الأتقياء، ثم تطورت المؤثرات الزهدية في الشعر فأخذت تعبير العشق القلبي الذي عرف به الشعراء العذريون، فكان الشريف الرضي امتدادا أصيلا للزاهدين ومستوعبا استيعابا عميقا لحكمة الموت التي نبع منها كل زهد إسلامي أو غير إسلامي.
وقد قال:
قد آن أن يسمعك الصوت * أنائم قلبك أم ميت يا باني البيت على غرة * أمامك المنزل والبيت أيجزع المرء لما فاته * وكل ما يدركه فوت وإنما الدنيا على طولها * ثنية مطلعها الموت ولكن زهدية الشريف الرضي ليست تنسكا ورهبانية، بل هي معرفة بالموت من خلال الحياة، فكانت روحه المشدودة بين قطبي الحياة والموت، تنبض بالحياة، بأعلى أصواتها الحرة، وتستجيب لحكمة الموت، بصورة مبادئ أخلاقية صارمة، والقلب هو القادر على تلبية نداءات الحياة الحرة، والتعري أمام الموت بقانون الحرية.
فالقلب هو ال أنا بكل علنيتها واستبطاناتها. وهو بالنتيجة يصطفي الروحي والحسي اصطفاء شفافا فيؤلفهما خير مؤالفة.
والقلب، قلب الشريف الرضي، كالميزان العادل الذي يتحسس بأوزان الجمال، فهو يلتهب التهابا شديدا، ويضيق، عند ما يدرك أنه لا يتحمل الحبس الطويل في داخل صدره، والمحبوب خارج أسوار الصدر يتلألأ، ولكن كنجم قطبي ما أبعده، وإن ذلك التناقض الذي كان يتجرعه القلب، يظل دائما عنوان تجربة الزهد والعشق، فالقلب في بسط وقبض، في عطاء وأخذ، في امتلاء وفروع، في جذب وطرد، إنه مشدود بين العلوي والأرضي، وبين الروحي والحسي انشدادا لا تفلت منه.
إن هجرات الروح ليس لها مستودع غير القلب، الذي يضيف عند الامتلاء بالحب والحسرة فيتسع اللسان بالعبارة.
وتلك المناوبة، والمبادلة التي لجا إليها للتعبير عن أشواقهم ومكابدتهم، وجدت عند الشريف الرضي واحدا من أمثلتها المهمة، وهو القائل عن صدق شعره:
وليس من الفراغ يثرن عني * نفاثات يجيش بها الجنان ولكن مهجة ملئت ففاضت * وضاق القلب واتسع اللسان أن القلب يضيق حيث يمتلئ، ويمتلئ حيث يضيق، واللسان أداة القلب الناطقة. وفي واقع المحبين والجماليين، يأخذ القلب دلالات مكثفة ويصبح
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370