مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٢٧٤
المنع، القيظ، التجرع، الغصص، الملام، التقريع، البكاء، الدجى، الخضوع، التوديع، الفراق، الهون، اللسع، الصدود، الكمد... وها هو المثال:
يا صاحب القلب الصحيح أما اشتفى * ألم الجوى من قلبي المصدوع أأسأت بالمشتاق حين ملكته * وجزيت فرط نزاعه بنزوع هيهات لا تتكلفن لي الهوى * فضح التطبع شيمة المطبوع كم قد نصبت لك الحبائل طامعا * فنجوت بعد تعرض لوقوع وتركتني ظمآن أشرب غلتي * أسفا على ذاك اللمى الممنوع قلبي وطرفي منك هذا في حمى * قيظ وهذا في رياض ربيع كم ليلة جرعته في طولها * غصص الملام ومؤلم التقريع أبكي ويبسم والدجى ما بيننا * حتى أضاء بثغره ودموعي تفلي أنامله التراب تعللا * وأناملي في سني المقروع قمر إذا استخجلته بعتابه * لبس الغروب ولم يعد لطلوع لو حيث يستمع السرار وقفتما * لعجبتما من عزه وخضوعي أبغي هواه بشافع من غيره * شري الهوى ما نلته بشفيع ما كان إلا قبلة التسليم أردفها * الفراق بضمة التوديع كمدي قديم في هواك وإنما * تاريخ وصلك كان مذ أسبوع أهون عليك إذا امتلأت من الكرى * أني أبيت بليله الملسوع قد كنت أجزيك الصدود بمثله * لو أن قلبك كان بين ضلوعي ومن مفعول ذكرى الذكرى، كان الشريف الرضي ينظر إلى الآثار والأمكنة بجدلية الرغبة والاشفاق، الرغبة في أن يرى الطلول، والاشفاق على نفسه من الأسى، فهو مسوق بدعوة المرور على آثار الأحباب، وحذر في الوقت نفسه من المرور عليها، إنه مقسوم بين نداءين متعارضين، هما نداءا القلب، الأبديان، ولا خلاص له من ضغطها إلا بالشهقة التي يسجد لها البكاء، وكل حزن:
أمن ذكر دار بالمصلى إلى منى * تعاد كما عيد السليم المؤرق حنينا إليها والتواء من الجوى * كأنك في الحي الولود المطرق أالله أني إن مررت بأرضها * فؤادي مأسور ودمعي مطلق أكر إليها الطرف ثم أرده * بانسان عيني في صرى الدمع يغرق هواي يمان كيف لا كيف نلتقي * وركبي منقاد القرينة معرق فواها من الربع الذي غير البلى * وآها على القوم الذين تفرقوا أصون تراب الأرض كانوا حلولها * وأحذر من مري عليها وأشفق ولم يبق عندي للهوى غير أنني * إذا الركب مروا بي على الدار أشهق لكن ماذا تستطيع الأمكنة أن تفعل للقلب المدمى؟ وماذا تستطيع اللقاءات المتواترة، أو العابرة، في القرب، أو في البعد، أن توفر لنفس متسامية في مذهب الحب؟ لا شئ، لأن مذهب الحب الذي اعتنقته روح الشريف الرضي كان يأخذ زيته ووقوده من الجوى، والعذاب الطويل، فقال:
علق القلب من أطال عذابي * ورواحي على الجوى وغدوي وافترقنا في مذهب الحب شتى * بين تقصيره وبين غلوي كان عندي أن الحبيب شقيقي * في التصافي فكان عين عدوي ساءني مذ نأيت نسيان ذكري * فاذكروني ولو ذكرت بسو إن التستر هو ملمح مميز من ملامح شخصية الشريف الرضي على شدة ما تنطوي عليه شاعريته من انتهاك للصمت الكبير بعبارة الشعر، إنه تستر العفة والاستقامة.
وفي متقابلات الثنائية المريرة، كان عشقه آلية ضوئية تومض وتنطفئ، تقترب وتبتعد، وعلى نار الجوى كان يحرق فؤاده، والحبيب قريب، فكيف إذا ما تناءى؟! وهكذا ارتكز عشق الشريف الرضي على اندفاعة الشوق، التي كان يسلبها قوتها، ويردها على عقبها أعراض المتستر، فتنثال الذكريات فيقول:
يقر بعيني أن أرى لك منزلا * بنعمان يزكو تربه ويطيب وأرضا بنوار الأقاحي صقيلة * تردد فيها شمال وجنوب وأي حبيب غيب الناي شخصه * وحال زمان دونه وخطوب تطاولت الأعلام بيني وبينه * وأصبح نائي الدار وهو قريب لك الله من مطلولة القلب بالهوى * قتيلة شوق والحبيب غريب أقل سلامي إن رأيتك خيفة * وأعرض كيما لا يقال مريب وأطرق والعينان يومض لحظها * إليك وما بين الضلوع وجيب يقولون مشغوف الفؤاد مروع * ومشغوفة تدعو به فيجيب وما علموا أنا إلى غير ريبة * يقاء الليالي نغتدي ونؤوب عفافي من دون التقية زاجر * وصونك من دون الرقيب رقيب عشقت وما لي يعلم الله حاجة * سوى نظر والعاشقون ضروب وما لي يا لمياء بالشعر طائل * سوى أن أشعاري عليك نسيب أحبك حبا لو جزيت ببعضه * أطاعك مني قائد وجنيب وفي القلب داء في يديك دواؤه * ألا رب داء لا يراه طبيب إن عفة الشريف الرضي، هي عفة رجل اختار التحريم اختيار المؤمن الثابت، فلم يصل إلا إلى التسليم برغبة اللثم، في تقليد شعري، ورغم التأوهات التي انشق عنا صدره بين اللقاء والفراق فان أقصى ما تسعفه به حكمة الزمن، هو لثم القرينة، فكأنه في مذهبه العشقي يرى الجمال في تناسخ دائم، أو في حلولية متوزعة بين الفتيات والغزلان، فقال في واحدة من حجازياته وهو يذكر أيامه بمنى:
أحبك ما أقام منى وجمع وما * أرسى بمكة أخشباها وما رفع الحجيج إلى المصلى * يجرون المطي على وجاها وما نحروا بخيف منى وكبوا * على الأذقان مشعرة ذراها نظراتك نظرة بالخيف كانت * جلاء العين مني بل قذاها ولم يك غير موقفنا فطارت * بكل قبيلة منا نواها فواها كيف تجمعنا الليالي * وآها من تفرقنا وآها فاقسم بالوقوف على ألال * ومن شهد الجمار ومن رماها وأركان العتيق وبانييها * وزمزم والمقام ومن سقاها لأنت النفس خالصة فان لم * تكونيها فأنت إذن مناها نظرت ببطن مكة أم خشف * تبغم وهي ناشدة طلاها وأعجبني ملامح منك فيها * فقلت أخا القرينة أم تراها فلو لا أنني رجل حرام * ضممت قرونها ولثمت فاها
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370