مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٢٥٩
أحصل من عزمي على التمني * وليتني أفعل أو لو أني راض بما يضوي الفتى ويضني * أسس آبائي وسوف أبني قد عز أصلي ويعز غصني * غنيت بالجود ولم أستغن إن الغنى مجلبة للضن * وللقعود والرضا بالوهن الفقر ينئي والتراء يدني * والحرص يشقي والقنوع يغني إن كنت غير قارح فاني * أبذ جري القارح المسن تشهد لي أن الزمان قرني * سوف ترى غبارها كالدجن ويواصل:
من قبل أن يغلق يوما رهني * متى تراني والجواد خدني والنصل عيني والسنان أذني * وأمي الدرع ولم تلدني وكان وهو يرنو إلى المعالي، يعلم جيدا وعورة الطريق وكثرة الأعداء وقلة الناصرين، لكنه هتف في داخله الهاتف فأصغى إليه، فقال وهو في السادسة عشرة:
أمن شوق تعانقني الأماني * وعن ود يخادعني زماني وما أهوى مصافحة الغواني * إذا اشتغلت بناني بالعنان عدمت الدهر كيف يصون وجها * يعرض للضراب وللطعان ويقول:
نشرت على الزمان وشاح عز * ترنح دونه المقل الرواني سأطلع من ثنايا الدهر عزما * يسيل بهمة الحرب العوان ولا أنسى المسير إلى المعالي * ولو نسيته أخفاف الحواني وكنا لا يروعنا زمان * بما يعدي البعاد على التداني وليس هناك اغتراب سياسي، مثل اغتراب الشريف الرضي في نضاله من أجل تحقيق غايته وتنفيذ رسالته، فقد كانت بمواجهته ظروف قاسية، وشروط سياسية أقسى.
وتطلب هدفه السامي منه إبداء المرونة في علاقاته مع الخلفاء والملوك والوزراء، بالقدر الذي رآه مجديا لتمشية أمور المسلمين، وتحقيق غايات محددة، ترتبط بغايته الكبرى التي أنشد لها ودعا إليها بلا توقف.
لكن مرونته تلك سرعان ما تتحول إلى غضب عات، عند حصول أي استفزاز صغير أو تعريض به، أو بواحد من أهله، أو عند حصول أي إهمال أو تجاوز أو تطاول عليه من أي سلطان كان.
وعند ما يغضب، يدع المرونة جانبا، ويعلو صوت حماسته وهو يذكر أصله ومعدنه الكريمين، فينتفض كملك، أو كخليفة، ويكتسب التحدي في شعره طعم التقريع، تقريع الخليفة الذي يخاطبه، دونما خشية منه.
وفي تلك الفرص النادرة التي يغضبه الخليفة تبرز روح الشريف الرضي، الغنية بكل معاني السيادة العربية، والحق، والكبرياء التي لا تنحني أمام السلطان مهما كانت قوة سطوته وشدة بطشه.
ورغم أن الخليفة الطائع لله كانت بينه وبين الرضي مودة، إلا أن إثارته له عند ما قرب بعض أعدائه إليه، جعلته يزمجر غيظا في قصيدة، مطلعها:
ونمي إلى من العجائب أنه * لعبت بعقلك حيلة الخوان وتملكتك خديعة من قولة * غرارة الأقسام والأيمان حقا سمعت ورب عيني ناظر * يقظ تقوم مقامها الأذنان أين الذي أضمرته من بغضه * وعقدته بالسر والاعلان أم أين ذاك الرأي في إبعاده * حنقا وأين حمية الغضبان سبحان خالق كل شئ معجب * ما فيكم من كثرة الألوان يوم لذا وغد لذاك وهذه * شيم مقطعة قوى الأقران فالآن منك الياس ينقع غلتي * واليأس يقطع غلة الظمآن ثم يبلغ في نقده الذروة فيصيح:
لي مثل ملكك لو أطعت تقنعي * وذوو العمائم من ذوي التيجان ولعل حالي أن يصير إلى على * فالدوح منبتها من القضبان فاحذر عواقب ما جنيت فربما * رمت الجناية عرض قلب الجاني أعطيتك الرأي الصريح وغيره * تنساب رغوته بغير بيان وعرضت نصحي والقبول إجازة * فإذا أبيت لويت عنك عناني ولقد يطول عليك أن أصغي إلى * ذكراك أو يثني عليك لساني ويعد افتخاره بنفسه وهو يمدح الخليفة القادر بالله خير بيان عن اغترابه السياسي من موقع المجد، فقد ختم قصيدته التي كان مطلعها:
لمن الحدوج تهزهن الأينق * والركب يطفو في السراب ويغرق بثلاثة أبيات تلخص عظمة نفس الشاعر الرضي وشاعريته المجيدة، وهي:
عطفا أمير المؤمنين فإننا * في دوحة العلياء لا نتفرق ما بيننا يوم الفخار تفاوت * أبدا كلانا في المعالي معرق إلا الخلافة ميزتك فإنني * أنا عاطل منها وأنت مطوق وتوضح العلاقة بين الشاعر الشريف الرضي وأبي إسحاق إبراهيم بن هلال الصابي الكاتب والشاعر عن مدى تمكن هدف الخلافة من نفس الشاعر الرضي، ومن نفوس المريدين والموالين والأنصار.
فالخلافة لم تكن مجرد رغبة، أو نزوة، أو حلم عابر لشاعر ذي صبوات ورغبات وآمال، بل كانت دعوة علنية وسرية، شغلت اهتمام الشاعر طوال حياته، وشغلت العديد من الأتباع والمؤيدين.
وكان تأييد أبي إسحاق الصابي، لخلافة الشريف الرضي، رغم التباين في الديانة، دليلا على رسوخ حق الشريف الرضي في الخلافة واقتناع بعض الناس بهذا الحق، لا سيما المرموقين منهم.
ولم يكن إعجاب الشريف الرضي بأبي إسحاق الصابي، ناجما عن تجاوب عاطفي لدعوة الصابي إلى حقه في الخلافة، بل هو إعجاب متصل بروح الدعوة، وبمراحل انطلاقها، وتطورها، واستمرارها، وتغلغلها في نفوس الأنصار.
ويتجاهل النقاد والمحللون حقيقة قوية وهي أن الصابي لم يتوسم الخلافة في الشريف الرضي وهو في العمر المناسب، بل في مرحلة مبكرة من العمر، هي بداية العقد الثاني من عمر الرضي وكان الصابي في أواخر الثمانين من عمره، بما في ذلك من دلالات، فخاطبه حينذاك قائلا:
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370