مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٢٥٤
غنى الحياة، شخصوا الحياة كحقيقة، لكنهم بالعقل والاحساس شخصوا الموت كحقيقة الحقائق.
وقد استخلص الأنبياء من الموت تصورات عظيمة عن الحياة والبعث، وأعطوا لوائح خالدة في الوعظ والتربية ورسم صور مثالية للسلوك الإنساني، للفرد والجماعة.
ولم يهرب الشعراء من حقيقة الحقائق: الموت، بل واجهوه بمستويات مختلفة من النظر والرؤية.
على أن حكمة الموت الأساسية هي: ما دام الموت حتما محتوما، وقدرا ثابتا، إذن على المرء أن يكون حقيقيا مع نفسه ومع سواه. وعليه أن يحسم تناقضه الداخلي باتجاه التحرر من أي نفاق فكري وسياسي واجتماعي، لأنه لا يعلم متى يحين أجله.
فالموت يدعو إلى التطابق مع النفس، ويدعو إلى الشجاعة أمام ما هو دون الموت. بمعنى آخر أن الموت هذا السيد المطاع الذي لا يدع مجالا لأي انسان للركوع أمام سلطان آخر دونه.
وقد أمد الموت الشعراء بأصناف رفيعة من الحكمة، لأنهم وهم يفتحون عيونهم عليه كانوا يرون التفاهات الدنيوية الصغيرة، ويقفون عندها باستهانة مثلما وقف الخليفة بأصحابه يوما على مزبلة... فأطال الوقوف حتى أضجرهم فقالوا: ما لك حبستنا هنا فقال: هذه دنياكم التي تتنافسون عليها.
وإن كل الممارسات والأساليب التي يلجأ إليها الإنسان في تهالكه على السلطة والمال والمطامع الدنيوية، من قتل، وغدر، ونفاق، ووشاية، وتشويه، وإذلال، وكذب، تبدو إزاء حقيقة الموت الحاتمة مجرد نذالات صغيرة، تدمغ صاحبها بالتفاهة والخسران المبين.
ولقد رأى الشاعر العربي القديم حكمة الموت في بطلان النعيم الباطل لأنه زائل لا محالة، وليس البقاء إلا لوجه الله تعالى.
فقال لبيد بن ربيعة في البقاء الإلهي:
ألا كل شئ ما خلا الله باطل * وكل نعيم لا محالة زائل والموت أصلا يدفع الإنسان إلى تعزيز اتجاهاته الأصيلة، وسماته الحقيقة، في التمسك بالحق، فقال زهير بن أبي سلمى:
بدا لي أن الله حق فزادني * إلى الحق تقوى الله ما قد بدا ليا ومثلما رأى الشعراء بقاء الله وأزليته، فقد رأوا أيضا بقاء البلاد بجبالها ووديانها وأنهارها، بأرضها وبسمائها، فادخلوا الحس الوطني في شعرهم، من خلال حكمة الموت ودلالته في الفناء والبقاء.
وفي ذلك قال زهير بن أبي سلمى:
ألا لا أرى على الحوادث باقيا * ولا خالدا إلا الجبال الرواسيا وألا السماء والبلاد وربنا * وأيامنا معدودة واللياليا وأضاف الشعراء إلى البقاء الآلهي الأزلي، وبقاء البلاد، وقيمة العمل الصالح منطلقا نظريا ودليل عمل وسلوك لدى الشعراء المؤمنين بوجود الله تعالى.
وأغنت الثقافة الاسلامية تصورات الشعراء، وخاصة في مجال الأفكار الأساسية التي شرحت البعث والحساب، والبدء والمعاد. فتطورات تصورات الشعر العربي القديم بعد نشوء الاسلام، وأصبحت الآيات القرآنية ملهما أساسيا في التأكيد على الدلالات الروحية والأخلاقية في البعث والنشور وأصبحت للعمل الصالح أهمية استثنائية مرموقة في تحديد هوية المسلم المؤمن.
ومن الآيات البينات التي تذكر الإنسان بالمعاد:
إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون.
إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون.
يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين.
كل من عليها فان.
إنه هو يبدئ ويعيد.
وأصبحت هداية الشعراء متمثلة بمعرفة حكمة الموت، فيقول أبو نواس:
الموت ضيف فاستعد له * قبل النزول بأفضل العدد واعمل لدار أنت جاعلها * دار المقامة آخر الأمد يا نفس موردك الصراط غدا * فتأهبي من قبل أن تردي وقال:
إن للموت لسهما * واقعا دونك أو بك فعلى الله توكل * وبتقواه تمسك وحيث إن الشريف الرضي عالم ضليع في الديانة الاسلامية و الروحانيات، جمع العلم الوهبي بالعلم الكسبي، فقد كانت له من المفاهيم الاسلامية عدة كبيرة لتقويم شعره بأفكار ثرية بالحكمة والمعرفة والموعظة والسداد. وكانت للشاعر المتنبي تأثيراته الواضحة في بداية التجربة الشعرية للشريف الرضي، سواء أكان ذلك في أغراض الشعر، أو في تركيبه.
وقد كان للمتنبي مع الموت حوار نابه، صارخ، غني بالتصورات والمفاهيم الراسخة.
وكان وصف المتنبي للموت مزيجا من الذكاء والطرافة في التشبيه. فهو يقول:
وما الموت إلا سارق دق شخصه * يصول بلا كف ويسعى بلا رجل ويشير المتنبي إلى أن الموت معروف الطباع بالصفات، لا بالتجربة الشخصية، لأن ليس هناك من آب بعد موت، حتى يشرح ما لاقى وما رأى، فيقول:
فالموت تعرف بالصفات طباعه * لم تلق خلقا ذاق موتا آئبا
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370