مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ٢ - الصفحة ٤٧١
فقال كل من اعتقد في الكواكب أنها مدبرة لهذا العالم وموجدة ما فيه فلا ريب أنه كافر وإن اعتقد أنها تفعل الآثار المنسوبة إليها والله سبحانه هو المؤثر الأعظم كما يقوله أهل العدل فهو مخطئ إذ لا حيوة لهذه الكواكب ثابتة بدليل عقلي ولا نقلي وبعض الأشعرية يكفرون هذا كما يكفرون الأول وأورد وأعلى أنفسهم عدم إكفار المعتزلة وكل من قال يفعل العبد وفرقوا بأن الانسان وغيره من الحيوان يوجد فعله مع أن التذلل والعبودية ظاهرة عليه فلا يحصل منه اهتضام لجانب الربوبية بخلاف الكواكب فإنها غايبة عنه وربما أدى ذلك إلى اعتقاد استقلالها وفتح باب الكفر أما ما يقال بأن استناد الافعال إليها كاستناد الحراق إلى النار وغيرها من العاديات بمعنى إن الله تعالى أجرى عادته بأنها إذا كانت على شكل مخصوص أو على وضع مخصوص يفعل ما ينسب إليها ويكون ربط المسببات بها كربط مسببات الأدوية والأغذية بها مجازا باعتبار الربط العادي لا الفعل الحقيقي فهذا لا يكفر معتقده ولكنه مخطئ أيضا وإن كان أقل خطأ من الأول لان وقوع هذه الآثار عندها ليس بدائم ولا أكثرى انتهى كلامه رفع مقامه وقد ظهر من هذا التحقيق ما هو المراد من النهي الوارد في هذا الاخبار إنشاء الله تعالى وقد ظهر منه أيضا إن القول بنفي حيوة السماويات ليس ضروريا في الدين كما ادعاه المرتضى في بعض رسائله خلافا لشاذ من الأصحاب حكى الشيخ (ره) في الخلاف عن شاذ من أصحابنا ومن العامة القول بالجدول واحتج أصحاب هذا القول على ما ذكره العلامة (ره) في المنتهى بقوله تعالى وبالنجم هم يهتدون وبأن الكواكب والمنازل يرجع إليها في القبلة والأوقات وهي أمور شرعية فكذا ها هنا وضعف ذلك ظاهر للفرق الواضح بين الاهتداء بمشاهدة النجم في تعرف الطرق والمسالك والبلدان والقبلة والأوقات والشهور كما ورد في الشريعة وبين الاهتداء باستخراج حال النجم من الرصد والحساب الظني كما هو المبحوث عنه والمفيد في هذا المقام ولكن بقي الاشكال فيما لو حصل العلم بالهلال للرصدي من الحساب والتجربة أو لغيره بقول كثير منهم وقد يتفق ذلك نادرا خصوصا في الليلة الثانية أو الثالثة من الشهر بحسابهم حيث اختل ضبط أوايل الشهور المتعددة المتوالية بالرؤية والمشاهدة ووجه الاشكال عدم ورود التعويل على الرصد في الشريعة كما عرفت وحصول العلم بدخول الشهر المأمور من حضره الصيام كحصول العلم به بانقضاء ثلاثين من شعبان ويمكن القول بعدم اعتبار مثل هذا العلم الحاصل لبعض الآحاد بالنظر الدقيق الخفي المأخذ في أمثال تلك الأحكام الفرعية التي أخذ التعبد بها على عامة الناس وذلك بخلاف العلم بدخول الشهير الجديد بانقضاء ثلاثين من الشهر السابق فإنه من العلوم العادية الظاهرة ولا عبرة أيضا بعدم طلوعه أي طلوع القمر من المشرق في دخول الشهر لليلة المستقبلة لأنه لا يطلع في الثامن والعشرين البتة بل وقد لا يطلع في السابع والعشرين أيضا نادرا في بعض الشهور مع عدم إمكان الشهر الجديد في الليلة المستقبلة وفي التاسع والعشرين أيضا قد يدخل وذلك عند نقصان الشهر وقد لا يدخل عند تمامه فكيف يمكن اعتبار تلك العلامة مع عدم استقامتها إلا في رواية داود الرقي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال إذا طلب الهلال في المشرق غدوة فلم ير فههنا هلال جديد رأى أو لم ير فالمصنف حمل الرؤية على ظاهرها مع منافرة لفظ الهلال له إلا أن يكون من باب المشاكلة للهلال الجديد المذكور بعده وحكم بعدم اعتبار العلامة لعدم استقامتها كما عرفت مع ضعف سند الرواية ويحتمل أن يكون المراد أنه إذا طلب الهلال بمعناه المتعارف في المشرق غدوة أي قبل الزوال في الثلاثين إذ لا يحتمل طلب الهلال في المشرق قبل الثلاثين باعتبار ظهور عدم إمكان الرؤية قبل الزوال فيه فلم ير في ذلك الوقت فها هنا أي في جانب الغربي هلال جديد ليس ليلة الماضية سواء رأى بعد الزوال أو لم يرو على هذا يصح ترتب الجزاء على الشرط البتة ويدل الشرط بمفهومه باعتبار قيد فلم ير على أنه إذا طلب قبل الزوال ورأى فهو لليلة الماضية وليس بجديد ويوافق ما ذهب إليه السيد من اعتبار رؤية الهلال قبل الزوال ويحتمل أيضا أن يكون المراد بقوله (عليه السلام) فلم يرى في الليلة الماضية ويكون الغرض من هذا التقييد والتفريع بيان وجه طلب الهلال غدوة والايماء إلى أن المعتبر رؤيته في الليلة والمراد بقوله فههنا أي في جانب الغربي هلال جديد لليلة المستقبلة وليس لليلة الماضية سواء رأى في أثناء النهار ولو في وقت الطلب وقبل الزوال أو لم ير أصلا وعلى هذا فيدل على خلاف ما ذهب إليه السيد ويوافق المشهور ويمكن إرجاعها أيضا إلى أحد هذين المعنيين بوجوه أخر من تفسير اللفظ كما لا يخفى على المتأمل وبالجملة لا يمكن الاستدلال بهذه الرواية على شئ من المذاهب وقد نقل عن السيد الفاضل المحقق النائيني رفع مقامه إن المراد من الرؤية إنه إذا طلب الهلال أي القمر بدو المحاق في المشرق غدوة من اليوم السابع والعشرين فلم ير فهاهنا أي في الليلة التي يحتمل الرؤية فيها وهي ليلة الثلاثين هلال جديد سواء رأى أو لم ير ومؤدى الرواية ما ذهب إليه أهل التنجيم من أنه إذا لم يمكن رؤية الهلال في اليوم السابع والعشرين فهو ممكن الرؤية ليلة الثلاثين والشهر ناقص أقول ولا ينبغي الجرئة على القول بمثل تلك الاحتمالات البعيدة عن الفهم واللفظ في تفسير كلام الصادقين عليهما السلام وأغرب من ذلك ما نقل عن خالي طاب ثراه ولا يطمئن قلبي بإسناد ذلك إليه أعلى الله درجته وهو إن المراد بطلب الهلال في المشرق أن يكون الطلب واقعا في المشرق والمقصود إنه إذا فرض الطالب في البلد الشرقي وطلب الهلال غدوة أي غدوتنا وأول يومنا وإن كان بالنسبة إلى الطالب المفروض آخر يومه لفرضه في المشرق
(٤٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 476 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الصوم المفطرات الأكل والشرب 339
2 الجماع قبلا أو دبرا لادمي 341
3 البقاء على الجنابة عمدا مع بها 343
4 الحقنة بالمائع 343
5 الارتماس 344
6 الامساك من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس 346
7 فيما يشترط في صحة الصوم 347
8 في النية للواجبة والمندوبة 348
9 في وجوب استمرار النية 355
10 فروع 358
11 موارد العدول من فرض إلى فرض 358
12 فيما لو عدل من فرض غير معين إلى النفل 358
13 في عدم وجوب الصوم على الصبي 362
14 حكم ما لو بلغ في أثناء النهار 364
15 عدم صحة صوم المغمى عليه 365
16 عدم صحة الصوم في السفر 369
17 في صحة صوم المعين إذا وافق السفر 371
18 في حكم قدوم المسافر قبل الزوال ولم يتناول شيئا 378
19 عدم جواز صوم المريض المتضرر به 382
20 في عدم وجوب الحائض والنفساء 383
21 في صحة المستحاضة 384
22 صحة صوم الجنب إذا لم يتمكن من الغسل 385
23 فساد صوم من بقي على الجنابة حتى طلوع الفجر 386
24 وجوب قضاء الصوم على كل تارك للصوم 389
25 عدم صحة صوم العيدين ولا أيام التشريق 392
26 عدم صحة صوم يوم الشك بنية رمضان 394
27 عدم صحة صوم الليل 395
28 وجوب القضاء والكفارة مع تناول شئ من المفطرات عمدا 397
29 في حكم الاستمناء والملاعبة 400
30 في اكراه الزوجة الصائمة على الجماع 401
31 في عدم سقوط الكفارة بعروض مسقط شرعي كالحيض والسفر الضروري 404
32 فيما إذا افطر لظن دخول الليل 407
33 وجوب القضاء مع تعمد القئ 410
34 في وجوب القضاء والكفارة بالكذب على الله 412
35 حكم ما لو تعمد الارتماس 413
36 في تكرر الكفارة بتكرر الموجب في اليوم الواحد 418
37 من افطر في رمضان مستحلا له فهو مرتد 420
38 في تعزير المجامع 421
39 في عدم وجوب الفورية في القضاء 427
40 مقدار الطعام المسكين في الكفارة 431
41 درس: في عدم بطلان الصوم بابتلاع الريق جواز التبريد بالغسل 436
42 كراهية مباشرة النساء 438
43 كراهية اخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة 439
44 كراهية شم الرياحين 439
45 في مستحبات السحور والإفطار 443
46 في إتيان النساء أول ليلة رمضان 444
47 استحباب احياء ليلة القدر 444
48 في انقسام الصوم بانقسام أحكامه 447
49 في الصوم المستحب 453
50 كتاب الاعتكاف في عدم وجوب الاعتكاف الا بنذر أو عهد أو يمين أو غيره 503