مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ١٢٤
ولولا ضريح أنت فيه موسد * لما اخترت غير الشام أرضي من بدل ولا كنت عن أرض النحارير نائيا * ولا عن بني حيان ما ساعد الأجل ويظل في حنينه ووجده لا إلى جبل عامل وحده، ولا إلى بني حيان وحدها، بل إلى بلاد الشام كلها، فهو يحييها من ذلك المنتأى البعيد، ولكن التحية الكبرى لبني حيان تارة وللنحارير تارة أخرى.
حييت يا شام من شام ومن سكن * ولا تعداك جون المزن يا وطني وإن أكن قاطنا أرض العراق ففي * أرض النحارير لي قلب بلا بدن ويقول في ختام قصيدة معتزا بالشام كلها وبالنحارير منها بخاصة:
محمد الحيان ناظم درها * لها الشام ورد والنحارير مصدر ومن حق بني حيان أن نقول إنها لم تخرج الشيخ محمد الحياني وحده، بل أخرجت في أوائل القرن الحادي عشر عالما شاعرا آخر اسمه أيضا الشيخ محمد، ولكنه لم ينا بعيدا عن بني حيان، وكان أقصى مكان رحل إليه في اغترابه هو بعلبك لذلك لم ينظم شيئا في ني حيان، بل حفظت له بعض المجاميع مثل قوله:
آل بيت النبي يا عنصر المجد وشمس الفخار والأنساب يا كرام النفوس والأصل والفرع وبيض الوجوه والأحساب ومن القرن الحادي عشر وفي القرن الحادي عشر يطلع جبل عامل شاعرا عبقريا محلقا، لا عيب فيه إلا أن شعره فقد فلم يصلنا منه إلا بقايا، هذا الشاعر هو محمد محمود المشغري المتوفى سنة 1090 ه‍ هذا الذي لو أدرك عصور العرب الزاهية لكان في تاريخها نظيرا لأكفأ الشعراء وأكثرهم إجادة وتفوقا.
وقد اضطر هذا الشاعر لأن يهجر الجبل بحثا عن العيش، فمضى حتى حط به السير في رباع الحجاز في ظلال البيت العتيق بمكة حيث احتضنه أشرابها فعاش فيهم وسكن بينهم بعيدا عن أهله ووطنه.
من القرن الثاني عشر إلى القرن الثالث عشر وفي أواخر القرن الثاني عشر إلى أوائل القرن الثالث عشر تكون النهضة الشعرية في جبل عامل قد تكاملت فتفتحت عن مجموعة من الشعراء الأفذاذ عاشوا أحداث بلادهم بشعرهم وشعورهم فكانوا لسانها الناطق وضميرها الحي وذهنها الوقاد.
الشيخ إبراهيم الحاريصي وحسبنا منهم ابن قرية حاريص، الشيخ إبراهيم الحاريصي المتوفى سنة 1185 ه‍ والذي كان أحد أعلام ذلك العهد، وقد أصر في إحدى قصائده على أن يشير إلى قريته الحبيبة وإلى القرية الأخرى التي درس فيها فقال هذا البيت من قصيدة:
فتى حاريص مغناه ولكن * تلقى العلم وفرا من جويا للوقائع العسكرية التي خاضها العامليون كقوله:
شوس تمد من السيوف قصارها * يوم الوغى ومن الرماح طوالها تجفو لدى كسب الثنا أرواحها * وتعاف في نيل المنى أموالها تهوي بها نحو الطراد سوابق * تخذت غبار الدارعين جلالها ما أطلقت في غارة ثم انثنت * إلا وبلغت المنى أبطالها وافى بها في يوم تربيخا وقد * جاست خيول الدارعين خلالها طافوا عليها بالصوارم والقنا * فكأنهم قطع الغمام حيالها جافت جفون كماتنا طيب الكرى * فيها وعافت عذبها وزلالها ألقت على ابن العظم كل عظيمة * فرأى أشد نكاية ما نالها ومن هذه الوقائع ومن تلك الروح العسكرية التي كانت تهيمن على البلاد في تلك العهود يستمد حكمته الآتية:
بالسيف يفتح كل باب موصد * وبه من العليا بلوع المقصد من لم يكن بين الورى ذا صارم * فهو البعيد عن الفخار السرمد فإذا بدت لك حاجة فاستقضها * بغرار ماضي الشفرتين مهند ومن ذلك قوله في مطلع قصيدة:
جرد من العزم سيفا واركب الحذرا * واجعل فؤادك في يوم الوغى حجرا ويمضي على هذا النحو في قصيدته غير رفيق ولا مشفق، داعيا إلى القوة مبشرا بالسلاح محذرا من الضعف واللين:
وغالب الخصم لا تشفق عليه * ولا تركن إليه فلا يعفو إذا قدرا من لا حسام له لا يرتقي شرفا * وليس يدرك في حاجاته وطرا ونحن حين ندرس الظرف التي نظم فيه هذا الشعر ندرك العوامل التي أوحت للشاعر بما أوحت، فقد كان العامليون في ذلك الحين على سلاحهم ليلهم ونهارهم، لا يعرفون متى تدهمهم النوازل وتحدق بهم الكوارث ولقد خاضوا يومذاك أشد معاركهم عنفا وأروعها نتائج. وهكذا رأينا الشيخ إبراهيم الحاريصي يخرج عما ألفه الشعراء التقليديون من افتتاح قصائدهم دائما بالغزل، يخرج في الكثير من قصائده على ذلك الأسلوب فيفتتح بمثل ما رأينا في قصيدته الدالية المتقدم بعضها، وفي قصيدته الرائية هذه، وكذلك في غيرهما.
ومن خصائصه ما نظمه في بعض مواقع بلاده كقلعة الشقيف التي كان يحكمها ممدوحه الشيخ علي الفارس:
ما الشقيف الصلد إلا جنة * ولنا قصر بأعلاه استنار ليس يدنو منه في عظم البنا * قصر غمدان ولا عظم الجدار تنظر المرآة فيه فترى * فوقك النهر تراءى بانحدار ما رأينا قبل هذا جدولا * فوق قصر شامخ في الجو طار الشيخ إبراهيم يحيى ويأتي بعده بين أواخر القرن الثاني عشر وأوائل الثالث عشر الشيخ إبراهيم يحيى 1154 ه‍ 1214 ابن قرية الطيبة وتكون البلاد على ما هي عليه من روح عسكرية حماسية ويكون هو كما كان الحاريصي وثيق الصلة بأمراء البلاد وله كالحاريصي فيهم المدائح العديدة، ولكننا لا نلمح في أكثر مطالع
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370