مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ١٢٢
بلقب الشيخ المفيد توفي في بغداد فتجاوبت بصدى وفاته ديار العرب فقال عبد المحسن يرثيه من قصيدة طويلة:
يطلب المفيد بعدك والأسماء * تمضي فكيف تبقى المعاني فجعة أصبحت تبلغ أهل الشام * صوت العويل من بغدان ومن شعره الدال على ظروف حياته ما جاء في مدحه لعلي بن الحسين المغربي والد الوزير أبي القاسم. فان هذا الشاعر الصوري كان كغيره من الشعراء يتصدى للمدح كسبا للعيش ولم تكن ظروفه كلها مواتية، فكانت تكسد بضاعته عند من لا يعرف قيمتها فيعيش في كابة وهم وفقر فقال يصف هذه الحالة:
ونوائب أظهرن أيامي * إلي بصورتين سودنها وأطلنها * فرأيت يوما ليلتين ثم يقول ذاكرا أنه لطول عهده بالنقود صار لا يميز الذهب من الفضة ولا يعرف حقيقتهما:
هل بعد ذلك من * يعرفني النضار من اللجين فلقد جهلتهما لبعد * العهد بينهما وبيني متكسبا بالشعر يا * بئس الصناعة باليدين لم تنطفئ جذوة الشعر ولم تنطفئ جذوة الشعر العاملي حتى في عهد الاحتلال الصليبي فان قصيدة ابن الحسام العاملي في رثاء أبي القاسم بن الحسين العود الأسدي المتوفى سنة 679 نظمت خلال الاحتلال.
طلائع النهضة الشعرية بعد الاحتلال أما بعد الجلاء فيمكننا أن نعتبر أن الشهيد الأول محمد بن مكي هو مؤسس النهضتين العلمية والأدبية، ولقد كان إلى جانب مكانته العلمية على شاعرية حسنة ينظم الأبيات والبيتين. فنحن نستطيع أن نعد شعره من أوائل النتاج العاملي الذي وصلنا بعد جلاء الصليبيين، فمن ذلك قوله:
كنت قبل الهوى حليف المعالي * ولأعلامها علي خفوق نقصتني زيادة الحب حتى * أدركاني المريخ والعيوق وينسب إليه قوله:
شغلنا بكسب العلم عن طلب الغنى * كما شغلوا عن مطلب العلم بالوفر فصار لهم حظ من الجهل والغنى * وصار لنا حظ من العلم والفقر وقوله:
غنينا بنا عن كل من لا يريدنا * وإن كثرت أوصافه ونعوته ومن صد عنا حسبه الصد والجفا * ومن فاتنا يكفيه أنا نفوته ويمكننا اعتبار هذا الشعر وأمثاله من شعر الشهيد طلائع نهضة شعرية أخذت تنمو وتتقدم بتقدم المدارس وتكاثر العلماء والطلاب.
فضل الشهيد الأول والواقع أن هذا الرجل كان له من الفضل على الجبل ما لا يحد بحد، فقد خرجت البلاد من وطأة الاحتلال مهيضة الجناح مهشمة القوى، ولئن استطاعت أن تحتفظ بعروبتها وإسلامها ومقوماتها واستمرار التعليم فيها، فإنها لم تستطع أن تصل بذلك إلى ما كانت تطمح إليه. لهذا رأينا أن الأربع والأربعين سنة التي سبقت ولادة الشهيد، لم تستطع أن تخرج عالما كبيرا مشهورا، بل كانت هذه السنون سنين إعداد وتجهيز وقضاء على مخلفات الماضي البغيض. حتى إذا شب محمد بن مكي ودرس على شيوخ بلاده ما أمكن أن يدرس. ورأى أن هؤلاء الشيوخ قد استنفدوا في تلقينه كل ما عندهم، ورأى أن هذا الذي تلقنه لا غناء فيه إذا هو أراد أن يكون شيئا مذكورا في العلم، حتى إذا رأى ذلك، عزم على الهجرة العلمية إلى العراق وهو في غضارة السن وطراوة العمر. فقصد مدينة الحلة حيث كانت مدرسة الشيعة الكبرى قبل النجف وهناك انكب على التحصيل، ثم عاد إلى بلاده مجازا من أساتيذه. مبرزا بمعلوماته، وشرع بتركيز قواعد التدريس ونشر العلم فاستطاع أن ينهض بالجبل نهضة جبارة كان هو رأسها وأساسها.
وهكذا يمكننا اعتبار سنة 755 هجرية وهي سنة عودة الشهيد من العراق مبدأ البعث العلمي والأدبي في جبل عامل.
نكبة جبل عامل بالجزار كانت نكبة جبل عامل بأحمد باشا الجزار من النكبات القاصمة فقد فوجئت البلاد بزحفه عليها وهي على غير استعداد، فاستطاع التغلب عليها وعلى من لقيهم من أبنائها ثم أطلق جنوده يعملون التخريب والتقتيل والسلب. وكان من أفجع ما لقيه جبل عامل في تلك المحنة نهب مكتباته نهبا عاما وحمل كتبها إلى عكا. وكان يمكن أن يكون الأمر سهلا لو أن تلك الكتب أريد لها في عكا الجمع والحفظ. لكن الجزار وأعوانه وهم الجهلاء رأوا زيادة في الانتقام أن يبيدوا تلك الكتب فيسلموها إلى أصحاب الأفران يوقدون بها أفرانهم، ويكاد يجمع المؤرخون العامليون على أن تلك الكتب ظلت تغذي الأفران في عكا أسبوعا كاملا.
على أن بعض الفلسطينيين من أهل المعرفة استطاعوا إنقاذ القليل منها، كما أن بعض من وقعت في أيديهم باعوا ما حصلوا عليه، وقد وصل قسم منها إلى مكتبة الأمير بشير الشهابي في بيت الدين، كما شوهد بعضها بعد ذلك في بعض البيوت البيروتية.
حصيلة خمسة قرون كانت تلك الكتب حصيلة خمسة قرون فإذا اعتبرنا بدء التجديد في جبل عامل هو عودة الشهيد الأول من العراق عام 755 هجرية يكون بين هذا التاريخ ونكبة البلاد بالجزار سنة 1195 أربعمائة وأربعون سنة.
أجل أربعمائة وأربعون سنة كان فيها جبل عامل مقرا للعلماء والشعراء الذين ألفوا وصنفوا وتوارثوا الكتب جيلا بعد جيل، حتى قضت على ذلك أفران عكا.
فقدان النماذج المنوعة من هنا لا نستطيع أن نجد أمامنا ما كان يجب أن نجده من نماذج منوعة للشعر العاملي طيلة تلك القرون. ولكن ما وجدناه يرينا الواقع ويعطينا الصورة الصحيحة لاستمرار الشعر في هذه الديار قوي الديباجة شديد الأسر متين اللفظ جميل المعنى صادق الشعور.
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370