تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٣٩٣
والمراد بالطاغية الصيحة أو الرجفة أو الصاعقة على اختلاف ظاهر تعبير القرآن في سبب هلاكهم في قصتهم قال تعالى: " وأخذ الذين ظلموا الصيحة " هود: 67، وقال أيضا:
" فأخذتهم الرجفة " الأعراف: 87، وقال أيضا: " فأخذتهم صاعقة العذاب الهون " حم السجدة: 17.
وقيل: الطاغية مصدر كالطغيان والطغوى والمعنى: فأما ثمود فأهلكوا بسبب طغيانهم، ويؤيده قوله تعالى: " كذب ثمود بطغواها " الشمس: 11.
وأول الوجهين أنسب لسياق الآيات التالية حيث سيقت لبيان كيفية إهلاكهم من الاهلاك بالريح أو الاخذ الرابي أو طغيان الماء فليكن هلاك ثمود بالطاغية ناظرا إلى كيفية إهلاكهم.
قوله تعالى: " وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية " الصرصر الريح الباردة الشديدة الهبوب، وعاتية من العتو بمعنى الطغيان والابتعاد من الطاعة والملاءمة.
قوله تعالى: " سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية " تسخيرها عليهم تسليطها عليهم، والحسوم جمع حاسم كشهود جمع شاهد من الحسم بمعنى تكرار الكي مرات متتالية، وهي صفة لسبع أي سبع ليال وثمانية أيام متتالية متتابعة وصرعى جمع صريع وأعجاز جمع عجز بالفتح فالضم آخر الشئ، وخاوية الخالية الجوف الملقاة والمعنى ظاهر.
قوله تعالى: " فهل ترى لهم من باقية " أي من نفس باقية، والجملة كناية عن استيعاب الهلاك لهم جميعا، وقيل: الباقية مصدر بمعنى البقاء وقد أريد به البقية وما قدمناه من المعنى أقرب.
قوله تعالى: " وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة " المراد بفرعون فرعون موسى، وبمن قبله الأمم المتقدمة عليه زمانا من المكذبين، وبالمؤتفكات قرى قوم لوط والجماعة القاطنة بها، " وخاطئة " مصدر بمعنى الخطاء والمراد بالمجئ بالخاطئة إخطاء طريق العبودية، والباقي ظاهر.
قوله تعالى: " فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية " ضمير " عصوا " لفرعون
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»
الفهرست