تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٣٨٢
فالآية تقيم الحجة على عدم تساوي الفريقين من جهة منافاته لكرامة المسلمين عليه تعالى لا من جهة منافاة مساواة المجرمين للمسلمين عدله تعالى.
والمراد بالاسلام تسليم الامر لله فلا يتبع إلا ما أراده سبحانه من فعل أو ترك يقابله الاجرام وهو اكتساب السيئة وعدم التسليم والآية وما بعدها إلى قوله: " أم عندهم الغيب فهم يكتبون " في مقام الرد لحكمهم بتساوي المجرمين والمسلمين حالا يوم القيامة تورد محتملات هذا الحكم من حيث منشئه في صور استفهامات إنكارية وتردها.
وتقرير الحجة: أن كون المجرمين كالمسلمين يوم القيامة على ما حكموا به إما أن يكون من الله تعالى موهبة ورحمة وإما أن لا يكون منه.
والأول إما أن يدل عليه دليل العقل ولا دليل عليه كذلك وذلك قوله: " ما لكم كيف تحكمون ".
وإما أن يدل عليه النقل وليس كذلك وهو قوله: " أم لكم كتاب " الخ، وإما أن يكون لا لدلالة عقل أو نقل بل عن مشافهة بينهم وبين الله سبحانه عاهدوه وواثقوه على أن يسوي بينهما وليس كذلك فهذه ثلاثة احتمالات.
وإما أن لا يكون من الله فإما أن يكون حكمهم بالتساوي حكما جديا أو لا يكون فإن كان جديا فإما أن يكون التساوي الذي يحكمون به مستندا إلى أنفسهم بأن يكون لهم قدرة على أن يصيروا يوم القيامة كالمسلمين حالا وإن لم يشأ الله ذلك وليس كذلك وهو قوله: " سلهم أيهم بذلك زعيم " أو يكون القائم بهذا الامر المتصدي له شركاؤهم ولا شركاء وهو قوله: " أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم " الخ.
وإما أن يكون ذلك لان الغيب عندهم والأمور التي ستستقبل الناس قدرها وقضاؤها منوطان بمشيتهم تكون وتقع كيف يكتبون فكتبوا لأنفسهم المساواة مع المسلمين، وليس كذلك ولا سبيل لهم إلى الغيب وذلك قوله: " أم عندهم الغيب فهم يكتبون " وهذه ثلاثة احتمالات.
وإن لم يكن حكمهم بالمساواة حكما جديا بل إنما تفوهوا بهذا القول تخلصا وفرارا من اتباعك على دعوتك لأنك تسألهم أجرا على رسالتك وهدايتك لهم إلى الحق فهم مثقلون من غرامته، وليس كذلك، وهو قوله: " أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون "
(٣٨٢)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 ... » »»
الفهرست