تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ١٩٩
وتغيب عنه في كل وقت يذنب فيه ويعتدي فهي معه تهتز سرورا عند إحسانه وتسيخ في الثرى عند إساءته، فتعاهدوا عباد الله نعمه بإصلاحكم أنفسكم تزدادوا يقينا وتربحوا نفيسا ثمينا، رحم الله امرء هم بخير فعمله أو هم بشر فارتدع عنه. ثم قال: نحن نؤيد الروح بالطاعة لله والعمل له.
أقول: قد تبين مما تقدم في ذيل الآية أن هذه الروح من مراتب الروح الانساني ينالها المؤمن عندما يستكمل الايمان فليست مفارقة له كما أن الروح النباتية والحيوانية والانسانية المشتركة بين المؤمن والكافر من مراتب روحه غير مفارقة له غير أنها تبتدئ هيئة حسنة في النفس ربما زالت لعروض هيئة سيئة تضادها ثم ترجع إذا زالت الموانع المضادة حتى إذا استقرت ورسخت وتصورت النفس بها ثبتت ولم تتغير.
وبذلك يظهر أن المراد بقوله عليه السلام: بروح تحضره، وقوله: فهي معه، حضور صورتها حضور الهيئة العارضة القابلة للزوال، وبقوله: تسيخ في الثرى زوال الهيئة على طريق الاستعارة، وكذا قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الرواية السابقة: فارقه روح الايمان.
(سورة الحشر مدنية، وهي أربع وعشرون آية) بسم الله الرحمن الرحيم. سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم _ 1. هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الابصار _ 2. ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»
الفهرست