تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٢٠٤
والمساكين وابن السبيل منهم.
وقوله: " كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم " أي إنما حكمنا في الفئ بما حكمنا كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم والدولة ما يتداول بين الناس ويدور يدا بيد.
وقوله: " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " أي ما أعطاكم الرسول من الفئ فخذوه كما أعطى منه المهاجرين ونفرا من الأنصار، وما نهاكم عنه ومنعكم فانتهوا ولا تطلبوا، وفيه إشعار بأنهم سألوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقسم الفئ بينهم جميعا فأرجعه إلى نبيه وجعل موارد مصرفه ما ذكره في الآية وجعل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن ينفقه فيها على ما يرى.
والآية مع الغض عن السياق عامة تشمل كل ما آتاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حكم فأمر به أو نهى عنه.
وقوله: " واتقوا الله إن الله شديد العقاب " تحذير لهم عن مخالفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم تأكيدا لقوله: " وما آتاكم الرسول " الخ.
قوله تعالى: " للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا " الخ، قيل: إن قوله: " للفقراء " بدل من قوله: " ذي القربى " وما بعده وذكر " الله " لمجرد التبرك فيكون الفئ مختصا بالرسول والفقراء من المهاجرين، وقد وردت الرواية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قسم فئ بني النضير بين المهاجرين ولم يعط منه الأنصار شيئا إلا رجلين من فقرائهم أو ثلاثة.
وقيل: إنه بدل من اليتامى والمساكين وابن السبيل فيكون ذوو السهام هم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وذا القربى غنيهم وفقيرهم والفقراء من المهاجرين يتاماهم ومساكينهم وأبناء السبيل منهم، ولعل هذا مراد من قال: إن قوله: " للفقراء المهاجرين " بيان المساكين في الآية السابقة.
والأنسب لما تقدم نقله عن أئمة أهل البيت عليه السلام أن يكون قوله: " للفقراء المهاجرين " الخ، بيان مصداق لصرف سبيل الله الذي أشير إليه بقوله: " فلله " لا بأن يكون الفقراء المهاجرون أحد السهماء في الفئ بل بأن يكون صرفه فيهم وإعطاؤهم إياه صرفا له في سبيل الله.
ومحصل المعنى على هذا: أن الله سبحانه أفاء الفئ وأرجعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فله أن يتصرف فيه كيف يشاء ثم دله على موارد صرفه وهي سبيل الله والرسول وذو القربى
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست