والأنسب لما من كون " للفقراء " الخ، بيانا لمصاديق سهم السبيل هو عطف " والذين تبوؤا " الخ، وكذا قوله الآتي: " والذين جاؤوا من بعدهم " على قوله:
" المهاجرين " الخ، دون الاستئناف.
بل ما ورد من إعطائه صلى الله عليه وآله وسلم للثلاثة يؤيد هذا الوجه بعينه إذ لو كان السهيم فيه الفقراء المهاجرين فحسب لم يعط الأنصار ولا لثلاثة منهم، ولو كان للفقراء من الأنصار كالمهاجرين فيه سهم - وظاهر الآية أن جمعا منهم كانوا فقراء بهم خصاصة والتاريخ يؤيده - لأعطى غير الثلاثة من فقراء الأنصار كما أعطى فقراء المهاجرين واستوعبهم.
فقوله: " والذين تبوؤا الدار والايمان من قبلهم " ضمير " من قبلهم " للمهاجرين والمراد من قبل مجيئهم وهجرتهم إلى المدينة.
وقوله: " يحبون من هاجر إليهم " أي يحبون من هاجر إليهم لأجل هجرتهم من دار الكفر إلى دار الايمان ومجتمع المسلمين.
وقوله: " ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا " ضميرا " يجدون " و " صدورهم " للأنصار، وضمير " أوتوا " للمهاجرين، والمراد بالحاجة ما يحتاج إليه و " من " تبعيضية وقيل: بيانية والمعنى: لا يخطر ببالهم شئ مما أعطيه المهاجرون فلا يضيق نفوسهم من تقسيم الفئ بين المهاجرين دونهم ولا يحسدون.
وقيل: المراد بالحاجة ما يؤدي إليه الحاجة وهو الغيظ.
وقوله: " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " إيثار الشئ اختياره وتقديمه على غيره، والخصاصة الفقر والحاجة، قال الراغب: خصاص البيت فرجه وعبر عن الفقر الذي لم يسد بالخصاصة كما عبر عنه بالخلة انتهى.
والمعنى: ويقدمون المهاجرين على أنفسهم ولو كان بهم فقر وحاجة، وهذه الخصيصة أغزر وأبلغ في مدحهم من الخصيصة السابقة فالكلام في معنى الاضراب كأنه قيل: إنهم لا يطمحون النظر فيما بأيدي المهاجرين بل يقدمونهم على أنفسهم فيما بأيديهم أنفسهم في عين الفقر والحاجة.
وقوله: " ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " قال الراغب: الشح بخل مع حرص فيما كان عادة انتهى. و " يوق " فعل مضارع مجهول من الوقاية بمعنى الحفظ، والمعنى: ومن يحفظ - أي يحفظه الله - من ضيق نفسه من بذل ما بيده من المال أو من