تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٢٠٢
منها منسوب في الآية السابقة إليه تعالى وكذا إلقاء الرعب في قلوبهم في ذيل الآية، وفي الكلام دلالة على أنه كانت لهم حصون متعددة.
ثم ذكر فساد ظنهم وخبطهم في مزعمتهم بقوله: " فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا " والمراد به نفوذ إرادته تعالى فيهم لا من طريق احتسبوه وهو طريق الحصون والأبواب بل من طريق باطنهم وهو طريق القلوب " وقذف في قلوبهم الرعب " والرعب الخوف الذي يملا القلب " يخربون بيوتهم بأيديهم " لئلا تقع في أيدي المؤمنين بعد خروجهم وهذه من قوة سلطانه تعالى عليهم حيث أجرى ما أراده بأيدي أنفسهم " وأيدي المؤمنين " حيث أمرهم بذلك ووفقهم لامتثال أمره وإنفاذ إرادته " فاعتبروا " وخذوا بالعظة " يا أولي الابصار " بما تشاهدون من صنع الله العزيز الحكيم بهم قبال مشاقتهم له ولرسوله.
وقيل: كانوا يخربون البيوت ليهربوا ويخربها المؤمنون ليصلوا.
وقيل: المراد بتخريب البيوت اختلال نظام حياتهم فقد خربوا بيوتهم بأيديهم حيث نقضوا الموادعة، وبأيدي المؤمنين حيث بعثوهم على قتالهم.
وفيه أن ظاهر قوله: " يخربون بيوتهم " الخ أنه بيان لقوله: " فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا " الخ، من حيث أثره فهو متأخر عن نقض الموادعة.
قوله تعالى: " ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار " الجلاء ترك الوطن وكتابة الجلاء عليهم قضاؤه في حقهم، والمراد بعذابهم في الدنيا عذاب الاستئصال أو القتل والسبي.
والمعنى: ولولا أن قضى الله عليهم الخروج من ديارهم وترك وطنهم لعذبهم في الدنيا بعذاب الاستئصال أو القتل والسبي كما فعل ببني قريظة ولهم في الآخرة عذاب النار.
قوله تعالى: " ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب " المشاقة المخالفة بالعناد، والإشارة بذلك إلى ما ذكر من إخراجهم واستحقاقهم العذاب لو لم يكتب عليهم الجلاء، وفي تخصيص مشاقتهم بالله في قوله: " ومن يشاق الله " بعد تعميمه لله ورسوله في قوله: " شاقوا الله ورسوله " تلويح إلى أن مشاقة الرسول مشاقة الله والباقي ظاهر.
قوله تعالى: " ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين " ذكر الراغب أن اللينة النخلة الناعمة من دون اختصاص منه بنوع منها دون
(٢٠٢)
مفاتيح البحث: القتل (3)، العزّة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست