تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٤٠٥
حاجزين " تحجبونه عنا وتنجونه من عقوبتنا وإهلاكنا.
وهذا تهديد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم على تقدير أن يفتري على الله كذبا وينسب إليه شيئا لم يقله وهو رسول من عنده أكرمه بنبوته واختاره لرسالته.
فالآيات في معنى قوله: " لولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذن لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا " أسرى: 75، وكذا قوله في الأنبياء بعد ذكر نعمه العظمى عليهم: " ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعلمون " الانعام: 88.
فلا يرد أن مقتضى الآيات أن كل من ادعى النبوة وافترى على الله الكذب أهلكه الله وعاقبه في الدنيا أشد العقاب وهو منقوض ببعض مدعي النبوة من الكذابين.
وذلك أن التهديد في الآية متوجبة إلى الرسول الصادق في رسالته لو تقول على الله ونسب إليه بعض ما ليس منه لا مطلق مدعي النبوة المفتري على الله في دعواه النبوة وإخباره عن الله تعالى.
قوله تعالى: " وإنه لتذكرة للمتقين " يذكرهم كرامة تقواهم ومعارف المبدأ والمعاد بحقائقها، ويعرفهم درجاتهم عند الله ومقاماتهم في الآخرة والجنة وما هذا شأنه لا يكون تقولا وافتراء فالآية مسوقة حجة على كون القرآن منزها عن التقول والفرية.
قوله تعالى: " وإنا لنعلم أن منكم مكذبين وإنه لحسرة على الكافرين " ستظهر لهم يوم الحسرة.
قوله تعالى: " وإنه لحق اليقين فسبح باسم ربك العظيم " قد تقدم كلام في نظيرتي الآيتين في آخر سورة الواقعة، والسورتان متحدتان في الغرض وهو وصف يوم القيامة ومتحدتان في سياق خاتمتهما وهي الأقسام على حقيقة القرآن المنبئ عن يوم القيامة، وقد ختمت السورتان بكون القرآن وما أنبأ به عن وقوع الواقعة حق اليقين ثم الامر بتسبيح اسم الرب العظيم المنزه عن خلق العالم باطلا لا معاد فيه وعن أن يبطل المعارف الحقة التي يعطيها القرآن في أمر المبدأ والمعاد.
- تم والحمد لله -
(٤٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405
الفهرست