تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٤٠٤
قوله تعالى: " إنه لقول رسول كريم " الضمير للقرآن، والمستفاد من السياق أن المراد برسول كريم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو تصديق لرسالته قبال ما كانوا يقولون إنه شاعر أو كاهن.
ولا ضير في نسبة القرآن إلى قوله فإنه إنما ينسب إليه بما أنه رسول والرسول بما أنه رسول لا يأتي إلا بقول مرسله، وقد بين ذلك فضل بيان بقوله بعد: " تنزيل من رب العالمين ".
وقيل: المراد برسول كريم جبريل، والسياق لا يؤيده إذ لو كان هو المراد لكان الأنسب نفي كونه مما نزلت به الشياطين كما فعل في سورة الشعراء.
على أن قوله بعد: " ولو تقول علينا بعض الأقاويل " وما يتلوه إنما يناسب كونه صلى الله عليه وآله وسلم هو المراد برسول كريم.
قوله تعالى: " وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون " نفي أن يكون القرآن نظما ألفه شاعر ولم يقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم شعرا ولم يكن شاعرا.
وقوله: " قليلا ما تؤمنون " توبيخ لمجتمعهم حيث إن الأكثرين منهم لم يؤمنوا وما آمن به إلا قليلا منهم.
قوله تعالى: " ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون " نفي أن يكون القرآن كهانة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم كاهنا بأخذ القرآن من الجن وهم يلقونه إليه.
وقوله: " قليلا ما تذكرون " توبيخ أيضا لمجتمعهم.
قوله تعالى: " تنزيل من رب العالمين " أي منزل من رب العالمين وليس من صنع الرسول نسبه إلى الله كما تقدمت الإشارة إليه.
قوله تعالى: " ولو تقول علينا بعض الأقاويل - إلى قوله - حاجزين " يقال: تقول على فلان أي اختلق قولا من نفسه ونسبه إليه، والوتين - على ما ذكره الراغب - عرق يسقي الكبد وإذا انقطع مات صاحبه، وقيل: هو رباط القلب.
والمعنى: " ولو تقول علينا " هذا الرسول الكريم الذي حملناه رسالتنا وأرسلناه إليكم بقرآن نزلناه عليه واختلق " بعض الأقاويل " ونسبه إلينا " لاخذنا منه باليمين " كما يقبض على المجرم فيؤخذ بيده أو المراد قطعنا منه يده اليمنى أو المراد لانتقمنا منه بالقوة كما في رواية القمي " ولقطعنا منه الوتين " وقتلناه لتقوله علينا " فما منكم من أحد عنه
(٤٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 » »»
الفهرست