تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٢٠٨
بلدنا وإما أن تأذنوا بحرب، فقالوا: نخرج من بلادك.
فبعث إليهم عبد الله بن أبي: لا تخرجوا وتقيموا وتنابذوا محمدا الحرب فإني أنصركم أنا وقومي وحلفائي فإن خرجتم خرجت معكم وإن قاتلتم قاتلت معكم، فأقاموا وأصلحوا بينهم حصونهم وتهيؤا للقتال وبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنا لا نخرج فاصنع ما أنت صانع.
فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكبر وكبر أصحابه وقال لأمير المؤمنين: تقدم على بني النضير فأخذ أمير المؤمنين الراية وتقدم، وجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأحاط بحصنهم وغدر بهم عبد الله بن أبي.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا ظهر بمقدم بيوتهم حصنوا ما يليهم وخربوا ما يليه، وكان الرجل منهم ممن كان له بيت حسن خربه، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر بقطع نخلهم فجزعوا من ذلك وقالوا: يا محمد إن الله يأمرك بالفساد؟ إن كان لك هذا فخذه وإن كان لنا فلا تقطعه.
فلما كان بعد ذلك قالوا: يا محمد نخرج من بلادك فأعطنا مالنا، فقال: لا ولكن تخرجون ولكم ما حملت الإبل، فلم يقبلوا ذلك فبقوا أياما ثم قالوا: نخرج ولنا ما حملت الإبل، فقال: لا ولكن تخرجون ولا يحمل أحد منكم شيئا، فمن وجدنا معه شيئا من ذلك قتلناه.
فخرجوا على ذلك ووقع منهم قوم إلى فدك ووادي القرى وخرج قوم منهم إلى الشام.
فأنزل الله فيهم " هو الذي أخرج الذين كفروا - إلى قوله - فإن الله شديد العقاب " وأنزل الله عليه فيما عابوه من قطع النخل " ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها " فبإذن الله - إلى قوله - ربنا إنك رؤوف رحيم ".
وأنزل الله عليه في عبد الله بن أبي وأصحابه " ألم تر إلى الذين نافقوا - إلى قوله - ثم لا ينصرون " وفي المجمع عن ابن عباس: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم حاصرهم حتى بلغ منهم كل مبلغ فأعطوه ما أراد منهم فصالحهم على أن يحقن لهم دماءهم وأن يخرجهم من أرضهم وأوطانهم وأن يسيرهم إلى أذرعات بالشام وجعل لكل ثلاثة منهم بعيرا وسقاء.
فخرجوا إلى أذرعات بالشام وأريحا إلا أهل بيتين منهم آل أبي الحقيق وآل حيي بن أخطب فإنهم لحقوا بخيبر ولحقت طائفة منهم بالحيرة.
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست