تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ١٩٤
عذاب مذل مخز.
قوله تعالى: " لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " أي إن الذي دعاهم إلى ما هم عليه متاع الحياة الدنيا الذي هو الأموال والأولاد لكنهم في حاجة إلى التخلص من عذاب خالد لا يقضيها لهم إلا الله سبحانه فهم في فقر إليه لا يغنيهم عنه أموالهم ولا أولادهم شيئا فليؤمنوا به وليعبدوه.
قوله تعالى: " يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شئ " الخ، ظرف لما تقدم من قوله: " أعد الله لهم عذابا شديدا " أو لقوله: " أولئك أصحاب النار "، وقوله: " فيحلفون له كما يحلفون لكم " أي يحلفون لله يوم البعث كما يحلفون لكم في الدنيا.
وقد قدمنا في تفسير قوله تعالى: " ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين " الانعام: 23 أن حلفهم على الكذب يوم القيامة مع ظهور حقائق الأمور يومئذ من ظهور ملكاتهم هناك لرسوخها في نفوسهم في الدنيا فقد اعتادوا فيها على إظهار الباطل على الحق بالايمان الكاذبة وكما يعيشون يموتون وكما يموتون يبعثون.
ومن هذا القبيل سؤالهم الرد إلى الدنيا يومئذ، والخروج من النار وخصامهم في النار وغير ذلك مما يقصه القرآن الكريم، وهم يشاهدون مشاهدة عيان أن لا سبيل إلى شئ من ذلك واليوم يوم جزاء لا يوم عمل.
وأما قوله: " ويحسبون أنهم على شئ " أي مستقرون على شئ يصلح أن يستقر عليه ويتمكن فيه فيمكنهم الستر على الحق والمنع عن ظهور كذبهم بمثل الانكار والحلف الكاذب.
فيمكن أن يكون قيدا لقوله: " كما يحلفون لكم " فيكون إشارة إلى وصفهم في الدنيا وأنهم يحسبون أن حلفهم لكم ينفعهم ويرضيكم، ويكون قوله: " ألا إنهم هم الكاذبون " قضاء منه تعالى في حقهم بأنهم كاذبون فلا يصغى إلى ما يهذون به ولا يعتنى بما يحلفون به.
ويمكن أن يكون قيدا لقوله: " فيحلفون له " فيكون من قبيل ظهور الملكات يومئذ كما تقدم في معنى حلفهم آنفا، ويكون قوله: " ألا إنهم هم الكاذبون " حكما منه تعالى بكذبهم يوم القيامة أو مطلقا.
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست