مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ٢ - الصفحة ٤٨٥
فديا خاصة قال الشيخ في التهذيب بعد نقل هذا التفصيل من شيخه المفيد هذا الذي فصل به بين من يطيق الصيام بمشقة وبين من لا يطيقه أصلا فلم أجد به حديثا مفصلا والأحاديث كلها على أنه متى عجزا كفرا عنه والذي حمله على هذا التفصيل هو أنه ذهب إلى أن الكفارة فرع على وجوب الصوم ومن ضعف عن الصيام ضعفا لا يقدر عليه جملة فإنه يسقط عنه وجوبه جملة لأنه لا يحسن تكليفه للصيام وحاله هذه وقد قال الله تعالى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها و هذا ليس بصحيح لان وجوب الكفارة ليس بمبنى على وجوب الصوم لأنه ما كان يمتنع أن يقول الله تعالى متى لم تطيقوا الصيام صار مصلحتكم في الكفارة وسقط وجوب الصوم عنكم وليس لأحدهما تعلق بالآخر انتهى والظاهر أن نظر المفصل كما أفاده العلامة في المختلف إلى الآية الكريمة حيث أوجب فيه الفدية على الذين يطيقونه وهم الذين يقدرون على الصوم لكلفة كما عرفت ثم جعل الصوم خيرا لهم فعلم أيضا قدرتهم عليه في الجملة فمن لم يقدر عليه أصلا لا فدية عليه بحكم المفهوم مع ظهور سقوط التكليف بالصوم عنه باعتبار العجز المطلق والأصل براءة الذمة من وجوب بدل وما ذكره الشيخ من أنه ما كان يمتنع أن يقول الله تعالى فحق ولكن الكلام في وقوع هذا القول لا في جوازه فلا بد من التأمل في الاخبار هل يفيد حكم وجوب الفدية عموما بحيث يعارض مفهوم الآية الكريمة وأصالة البراءة أم لا فنقول منها ما تقدم ذكره من صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) ولا يبعد ادعاء ظهورها في التفصيل لان نفي الحرج عن الافطار يشعر بالقدرة على الصيام فأوجب في هذه الصورة الفدية وقوله أخيرا فإن لم يقدر أفلا شئ عليهما يمكن أن يقال أنه لبيان حكم عدم القدرة أصلا بأنه لا يجب حينئذ شئ من الصوم والفدية والقضاء ومنها ما روى في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال الشيح الكبير والذي يأخذه العطاش وعن قوله ومن لم يستطع وإطعام ستين مسكينا قال من مرض أو عطاش وهذا الخبر لا يدل إلا على ما يدل عليه الآية الكريمة ويدفع احتمال النسخ عن الآية ما ذكره بعض المفسرين ومنها ما روى في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن رجل كبير يضعف عن صوم شهر رمضان فقال يتصدق بما يجزي عنه طعام مسكين لكل يوم ومنها ما روى عن عبد الملك بن عتبة الهاشمي قال سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الشيخ الكبير والعجوزة الكبيرة التي تضعف عن الصوم في شهر رمضان قال تصدق عن كل يوم بمد من حنطة ويمكن أن يقال أن الضعف عن الصوم الواقع في الخبرين إن لم يكن ظاهرا في القدرة مع المشقة فلا ظهور له في العموم وبالجملة فالحكم بوجوب الفدية على العاجز المطلق من هذه الأخبار لا يخلو عن إشكال وإن كان الاحتياط في الفداء وقال صاحب المدارك يتوجه على استدلال العلامة بمفهوم الآية الشريفة إن الآية غير محمولة على ظاهرها بل هي أما منسوخة كما هو قول بعض المفسرين أو محمولة على أن المراد وعلى الذين كانوا يطيقونه ثم عجزوا عنه كما هو مروي في أخبارنا وأقول الحكم بالنسخ لا وجه له خصوصا مع دلالة الخبر الصحيح على خلافه والحذف خلاف الظاهر فلا يرتكب إذا أمكن حمل الآية على ظاهرها كما عرفت والخبر الدال عليه خبر مرسل كما ذكروه ويمكن استفادة حمل الآية على ظاهرها من صحيحة محمد بن مسلم وأيضا قوله تعالى وإن تصوموا خيرا لكم قرينة على القدرة على الصوم في الجملة فالمراد من العجز في قولهم ثم عجزوا عنه العجز العرفي المجامع للقدرة في الجملة فلا مانع من الاستدلال بظاهر الآية الكريمة على تقدير القول بالحذف أيضا وقالا فيمن به عطاش يرجى برؤه يقضي ولا فدية لأنه مريض يدخل تحت حكمه والذي به العطاش في صحيحة محمد بن مسلم محمول على غير مرجو البرء بقرينة عده مع الشيخ الكبير وحكمه بسقوط القضاء واحتج من حكم بوجوب الفدية عليه بأنه أفطر لمصلحته فتجب عليه الفدية كالشيح العاجز مع تمكنه من القضاء وضعفه وقال سلار ولو لم يرج برؤه لم يفد ولم يقض لأصالة براءة الذمة وصحيحا محمد بن مسلم بخلافه وفي التهذيب عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له الشيخ الكبير لا يقدر أن يصوم فقال يصوم عنه بعض ولده قلت فإن لم يكن له ولد قال فأدنى قرابته قلت فإن لم يكن له قرابة قال تصدق بمد في كل يوم فإن لم يكن عنده شئ فليس عليه وفي المتن فلا شئ عليه وظاهرها أي الرواية أنه أي ما ذكر فيها من الاحكام في حياته أي الشيخ العاجز وتحمل على الندب بل تترك لضعف سندها ومخالفة متنها للأصول وظاهر علي بن بابويه في رسالته وجوب الفدية وسقوط القضاء عن الحامل وكذلك المرضع تخاف على ولدها واحتج له في المختلف بأن الأصل براءة الذمة ولأنهما أفطرتا لعذر فأشبهتا الشيخ الفاني وأجاب بأن أصالة البراءة إنما يعتبر مع عدم دليل يخالفها والقضاء وجب بالآية والحديث وعمل الأصحاب والفرق بينهما وبين الشيخ ظاهر فإن الشيخ عاجز عن الأداء والقضاء فلو أوجبنا عليه القضاء لأوجبنا عليه الأداء انتهى أقول الحكم بوجوب القضاء بالآية لا يخلو عن إشكال لان في الآية الكريمة أوجب القضاء على المريض والمسافر وأوجب الفدية على من يطيقه ولا ريب أن دخولهما في حكم من يطيق الصوم أظهر من دخولهما في حكم المريض والمسافر ولذلك حكم ابن بابويه بوجوب الفدية عليهما دون القضاء ورواية محمد بن مسلم بخلافه كما عرفت والفدية مد كما ذهب إليه الأكثر وجنسه ما يعتبر في الكفارة ولا يعتبر التعدد هنا كما صرحوا به لا مدان للقادر كما هو رأي الشيخ وبعض الأصحاب على الأصح لأصالة البراءة ولظاهر قوله تعالى فدية طعام مسكين لان الغالب إن قوت المسكين في اليوم مد
(٤٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الصوم المفطرات الأكل والشرب 339
2 الجماع قبلا أو دبرا لادمي 341
3 البقاء على الجنابة عمدا مع بها 343
4 الحقنة بالمائع 343
5 الارتماس 344
6 الامساك من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس 346
7 فيما يشترط في صحة الصوم 347
8 في النية للواجبة والمندوبة 348
9 في وجوب استمرار النية 355
10 فروع 358
11 موارد العدول من فرض إلى فرض 358
12 فيما لو عدل من فرض غير معين إلى النفل 358
13 في عدم وجوب الصوم على الصبي 362
14 حكم ما لو بلغ في أثناء النهار 364
15 عدم صحة صوم المغمى عليه 365
16 عدم صحة الصوم في السفر 369
17 في صحة صوم المعين إذا وافق السفر 371
18 في حكم قدوم المسافر قبل الزوال ولم يتناول شيئا 378
19 عدم جواز صوم المريض المتضرر به 382
20 في عدم وجوب الحائض والنفساء 383
21 في صحة المستحاضة 384
22 صحة صوم الجنب إذا لم يتمكن من الغسل 385
23 فساد صوم من بقي على الجنابة حتى طلوع الفجر 386
24 وجوب قضاء الصوم على كل تارك للصوم 389
25 عدم صحة صوم العيدين ولا أيام التشريق 392
26 عدم صحة صوم يوم الشك بنية رمضان 394
27 عدم صحة صوم الليل 395
28 وجوب القضاء والكفارة مع تناول شئ من المفطرات عمدا 397
29 في حكم الاستمناء والملاعبة 400
30 في اكراه الزوجة الصائمة على الجماع 401
31 في عدم سقوط الكفارة بعروض مسقط شرعي كالحيض والسفر الضروري 404
32 فيما إذا افطر لظن دخول الليل 407
33 وجوب القضاء مع تعمد القئ 410
34 في وجوب القضاء والكفارة بالكذب على الله 412
35 حكم ما لو تعمد الارتماس 413
36 في تكرر الكفارة بتكرر الموجب في اليوم الواحد 418
37 من افطر في رمضان مستحلا له فهو مرتد 420
38 في تعزير المجامع 421
39 في عدم وجوب الفورية في القضاء 427
40 مقدار الطعام المسكين في الكفارة 431
41 درس: في عدم بطلان الصوم بابتلاع الريق جواز التبريد بالغسل 436
42 كراهية مباشرة النساء 438
43 كراهية اخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة 439
44 كراهية شم الرياحين 439
45 في مستحبات السحور والإفطار 443
46 في إتيان النساء أول ليلة رمضان 444
47 استحباب احياء ليلة القدر 444
48 في انقسام الصوم بانقسام أحكامه 447
49 في الصوم المستحب 453
50 كتاب الاعتكاف في عدم وجوب الاعتكاف الا بنذر أو عهد أو يمين أو غيره 503