الأصحاب - حيث اشترطوا في أغلب ذلك الصيغ وكيفيتها - فكيف يدعى شمولها للفعل أيضا؟ غير مسموعة، فإن هذه الألفاظ لم يثبت لها حقائق شرعية - كما قرر في محله - وليس لها حقيقة جديدة عند المتشرعة أيضا، بل لو كان لها حقيقة جديدة (1) عند المتشرعة لا يقتضي حمل خطابات الشارع عليه بعد إمكان الحمل على المعنى اللغوي والعرفي، فعموم ما دل على صحة هذه العقود من الأدلة المشتملة على لفظ الهبة والصدقة والوديعة ونحو ذلك يدل على سببية الفعل أيضا كالقول.
فإن قلت: هذا ينافي إجماع الأصحاب، فإنهم يذكرون في كتبهم الصيغ الخاصة أو مطلق الصيغة، ولو كان الفعل كافيا في ذلك لم يكن لذلك معنى.
قلت: سيأتي تفصيل جواب هذا الاعتراض في كفاية الفعل في عقود المعاوضة، والغرض الإشارة إلى وجوه الكلام وتعميم العنوان المعروف في المعاطاة (2) لأمثال ذلك، والإجمال: أن الفقهاء حيث عقدوا الباب في العقود وذكروا هذه المباحث والصيغ في طي العقود، ولا ريب أن كون شئ من هذه المذكورات عقدا يتوقف على الصيغة القولية، وهذا لا ينافي إطلاق لفظ الوديعة والعارية على الفعل، فغرضهم من ذلك جعله عقدا حتى يدخل في طي العقود، وهو لا يفيد الانحصار في السبب.
وثانيا: أنا نراهم يذكرون الصيغة في مقامات يقرون بكفاية الفعل فيه أيضا، كما في العارية، فإنه لا يشترط فيه (أعرتك) ولا غير ذلك، ونظائرها كثيرة.
وثالثا نقول: إن غرضهم من (3) ذكر هذه العناوين وذكر الصيغ بيان الأحكام المتعلقة بها، ولا ريب أن للعقود أحكاما اخر كما سيتضح لك إن شاء الله تعالى بعد ذلك، فجعلوا العنوان أخص حتى ينطبق على جميع أحكامه، وذلك لا ينافي ترتب ترتب