خلق الله على الإسلام، ومن كفر فقد غير ما خلقه الله عليه.
وثالثها: النبوي المشهور: (كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه وينصرانه ويمجسانه) الحديث (1). ولا يخفى ما فيه من الصراحة في المدعى.
وهذه الوجوه مخدوشة بأن ظاهرها كون كل مخلوق ومولود مولودا على فطرة الإسلام، ولازم ذلك أنه لو كبر وبلغ وأظهر الكفر عد مرتدا وإن لم يعلم حال أبويه، مع أنه لا تجري عليه أحكام المرتد قطعا، بل اللازم أن تجري عليه أحكام المرتد الفطري، لأنه مولود على الفطرة، وحينئذ فلا يبقى للمرتد الملي مصداق أصلا، إذ كل ما فرض فهو مرتد عن فطرة، وهذا مما يحكم الإجماع والنصوص بفساده.
ويعلم من ذلك: أن هذه الرواية كالآية من المتشابهات لا ينبغي اتباعها في مقابل المحكمات، ولا نعقل كون أبويه مهودين ونحو ذلك، بل المولود مولود قابل للأمرين، إن شاء قبل الإسلام وإن شاء قبل الكفر. وأحكام الارتداد عن فطرة أو ملة أمور تعبدية حكم بها الشارع، لا أن من كان أبواه مسلمين فهو مسلم، ومن كان أبواه كافرين فهو كافر. والاعتماد على مثل هذه الدلالات في إثبات الأحكام الشرعية بعيد عن مذاق الفقه.
وإن كان يمكن أن يقال: إن الرواية بظاهرها دلت على أصالة الإسلام، ولا ملازمة بينه وبين كون ذلك مرتدا أو مرتدا عن فطرة، لأن لنا أن نقول: إن الارتداد عبارة عن الخروج عن إسلام ثابت بالإقرار أو بالبينة ونحو ذلك، لا بمجرد الأصل، ولامانع من ذلك. ولو سلمنا أن الأصل قاض بإسلامه فيحكم بارتداده إذا أظهر الكفر نمنع كون ارتداده عن فطرة، نظرا إلى أن من شرطه علوقه حال إسلام أحد أبويه، والأصل لا يثبت ذلك، مضافا إلى استلزامه عدم وجود مصداق للارتداد