للفظين، إذ لم يدل دليل بهذا العنوان، إلا أنه مورد الاجماعات، والعمدة أن عموم دليل الضمان محكم، غاية ما خرجنا عنه في حالة البقاء على الأمانة، وأما بعد وقوع تصرف غير مرضي فلا يعلم دخوله تحت أدلة الأمانة، فالمرجع قاعدة الضمان، مضافا أن من صور المسألة صورة (1) استناد التلف إلى ذلك التعدي أو التفريط، فيندرج حينئذ تحت دليل الإتلاف الذي لا شك في عدم مدخلية القصد فيه، فإن المتلف ضامن وإن كان نائما أو ناسيا أو نحو ذلك، وإذا ثبت في هذه الصورة يثبت (2) في باقي صور التلف بعد التعدي - كما نذكرها مفصلا - بعدم القول بالفصل.
ولا يقال: إن قبل وقوع هذا الفعل لم يكن مضمونا على القابض، وبعد صدور مثل ذلك بلا قصد نشك في عروض الضمان وعدمه [و] (3) الأصل بقاء الحكم السابق على حاله، فإذا تم هذا في هذه الصورة يتم في ما فرضته أيضا بعدم القول بالفصل.
لأنا نقول أولا: إن جريان الاستصحاب فرع بقاء الموضوع الذي اخذ عنوانا في أصل الحكم - كما ذكرناه في بحث تبعية الأحكام للأسماء - (4) وهنا قد تعلق حكم عدم الضمان بالأمين والأمانة، وبعد وقوع مثل هذا الفعل نشك في كون هذا أمينا حتى نستصحب حكمه. ولم يتعلق الحكم على هذا المال ولا على الشخص حتى يستصحب ببقائهما الحكم، وذلك واضح.
وثانيا: أن بعد فرض صحة الاستصحاب نقول: لا يعارض إطلاقات أدلة الضمان وعموماته، نظير تعارض استصحاب الخيار مع عموم لزوم العقود، حيث ذهب الأكثر فيه إلى الفورية تقديما لجانب الإطلاق - وقد مر الكلام فيه سابقا - (5) فالمعارض لدليل الضمان أدلة الأمانة، ولا يعارض الاستصحاب دليل الضمان.