مدلول النهى، بل الظاهر أنه على معناه اللغوي والعرفي، لكن هذا التمسك [والاجماع] (1) كاشف إما عن وجود قرينة عندهم على ذلك، أو وجود دليل دال على كون المنهي عنه فاسدا، فيكون النهي أمارة محققة للموضوع، ويجئ الفساد من نفس القاعدة المقررة. وقد وجدنا الفقهاء في صورة تعلق النهي بالأركان متسالمين على هذا المعنى وإن منعوا في صورة تعلق النهي لأمر خارج، فعليك بالتتبع.
الثاني: الإجماع الذي نقله المرتضى رحمه الله وغيره على ذلك - كما هو مذكور في علم الأصول - وجعله حجة على الدلالة شرعا، مع اعتضاده بفتوى كثير من الأصحاب متقدما عليه ومتأخرا عنه.
الثالث: الاستقراء، فإنا قد وجدنا كثيرا من المعاملات المنهي عنها لركنها فاسدة، بحيث علم فسادها من إجماع أو شئ آخر بحيث لم يبق لنا بحث في فسادها، فإذا صار الغالب فيها ذلك يحمل المشكوك فيه على الغالب من الفساد وإن لم يدل فيه شئ على فساده.
الرابع: ما ورد في الرواية في نكاح العبد بغير إذن سيده أنه يصح لأنه ما عصى الله بل عصى سيده (2) وهذا التعليل يدل على أن العقد لو كان فيه معصية الله لكان فاسدا.
لا يقال: إن معصية السيد أيضا معصية الله تعالى، فينبغي على هذا أيضا أن يكون فاسدا.
لأنا نقول: إن الظاهر من الرواية: أن معصية الله ابتداء مبطلة (3) بمعنى: أنه لو كان العقد محرما بأصل الشرع لوقع فاسدا، بخلاف ما لو كان التحريم لأمر خارج، فإنه غير مبطل، وهذا يدل على التفصيل الذي أشرنا إليه: من أن التحريم إن كان