البيع بحصوله، وانشاء التمليك بحصوله، والوجه ما مر.
وكذلك تعلقه بالنسبة إلى الأمور الشأنية، فمعناه: إحداث الشأنية بحيث يحصل به الأهلية. وتعلقه بالأمر الفعلي: إحداث الفعل، وذلك كما مر في اللازم والمتعدي.
إذا عرفت هذا، فنقول: ينبغي على هذا ملاحظة الصيغ الموضوعة للإنشاء طلبية وغيرها، إذ بعد ما علم أن الصيغة موضوعة للإنشاء فيمتنع تخلف مدلوله عنه، ولا يقبل بنفسه التعليق، فلابد أن يلاحظ أن المراد من معانيها الأمور الشأنية أو الفعلية، فيحكم على كل بمقتضى ما قرر في المقدمات. وكذا لابد أن يلاحظ متعلقات المنشآت أنها أعيان أو منافع أو أفعال حتى يعلم أنها تقبل التعليق أم لا.
فنقول: إن معنى صيغة البيع وكذا الصلح وكذا الهبة وكذا الإجارة - ونحوها من العقود الناقلة لعين أو منفعة - هو إنشاء النقل، فيمتنع انفكاك النقل عنه بحسب معناه، كما قررناه.
فلو قال: بعتك أو صالحتك أو وهبتك الحنطة إن كانت حمراء أو آجرتك هذا العبد سنة إن كانت منفعته خياطة وهو لا يعلم بالأمرين، فإما أن يعود هذا التعليق على نفس النقل الذي هو المنشأ فهو ضروري الاستحالة، لأن النقل وجد بقولك:
(بعت) عرفا، لأن إنشاءه بوجوده كما في الضرب، فالنقل حصل وحصل الجزم به.
وإن عاد إلى الحنطة، فنقول: قد قررنا أن الماهية بنفسها لا تعلق، ووجودها أيضا بعد حصوله كذلك، والمفروض أن الحنطة موجودة إما حمراء أو غيرها في الواقع، وعلى التقديرين يستحيل تقييد الحنطة الموجودة بوصفها وتعليقها به، والإجماع على بطلانها من جهة ذلك.
فإن قلت: فلم لا يستحيل التعليق بالعين في قولك: (ائتني بهذا الماء، إن كان باردا)، إذ هو تقييد للماء لا للأمر؟
قلت: هنا أشياء ثلاثة: الطلب (1) الذي أنشأته (2) وهو موجود يمتنع تعليقه،