فتح العزيز - عبد الكريم الرافعي - ج ٥ - الصفحة ٥٠٦
ثبوت الحقوق وإن كان الثاني فالدين المتعلق بالذمة لا يمنع الحق المتعلق بالعين الا ترى أن عبد المديون لو جني تعلق أرش الجناية برقبته وقال في القديم وفي اختلاف العراقيين من الجديد أنه يمنع لان الزكاة حق يجب في الذمة بوجود مال فمنع الدين وجوبه كالحج وأيضا فلما سيأتي في التفريع ومن الأصحاب من حكى قولا ثالثا وهو أن الدين يمنع الزكاة في الأموال الباطنة وهي الذهب والفضة وعروض التجارة ولا يمنعها في الأموال الظاهرة وهي المواشي والزروع والثمار والمعادن والفرق أن الأموال الظاهرة تنمو بنفسها أو هي نماء في نفسها والأموال الباطنة ليست كذلك وإنما ألحقت بالناميات للاستغناء عنها واستعدادها للاسترباح بالتصرف والاخراج والدين يمنع من ذلك ويحوج ألي صرفها إلى قضائه وبهذا القول الثالث قال مالك رضي الله عنه وبالقول الثاني قال أبو حنيفة رضي الله عنه إلا أنه لا يمنع العسر عنده وعندنا لا فرق وعند احمد رحمه الله يمنع الزكاة في الأموال الباطنة وفي الظاهرة روايتان * (التفريع) إن قلنا الدين لا يمنع الزكاة فلو أحاطت بالرجل ديون وحجر عليه القاضي فله ثلاث أحوال (إحداها) أن يحجر ويفرق ماله بين الغرماء فههنا قد زال ملكه ولا زكاة عليه (والثانية) أن يعين لكل واحد منهم شيئا من ماله على ما يقتضيه التقسيط ومكنهم من أخذه فحال الحول ولم يأخذوه وقال معظم الأصحاب لا زكاة عليه أيضا لأنه ضعف ملكه وصاروا هم أحق به ولم يحكوا فيه خلافا وحكى الشيخ أبو محمد في هذه الصورة عن بعض الأصحاب أن وجوب الزكاة يرج على الخلاف في المجحود والمغصوب لأنه حيل بينه وبين ماله وعن القفال انه يخرج على الخلاف في اللقطة في السنة الثانية لأنهم تسلطوا على إزالة ملكه تسلط الملتقط بخلاف المجحود والمغصوب ولك أن تقول ميل الأكثرين في صورة اللقطة إلى وجوب الزكاة وههنا نفوا الوجوب والصورتان يشتر كان في المعنى فهل من فارق (والجواب) انه يجوز أن يقال تسلط الغرماء أقوى من تسلط الملتقط لأنهم أصحاب حق على المالك ولان تسلطهم يستند إلى تسليط الحاكم بخلاف تسلط الملتقط وأيضا فالملك الذي يتسلطون على إزالة ملك المالك باثباته أقوى الا ترى أن للمالك استرداد اللقطة بعد تملك الملتقط على أحد الوجهين وههنا بخلافه (واعلم) أن الشافعي رضي الله عنه قال في المختصر ولو قضى عليه بالدين وجعل لهم ماله حيث وجدوه قبل الحول ثم حال الحول قبل أن يقضيه الغرماء لم يكن عليه زكاة لأنه صار لهم دونه قبل الحول فمن الأصحاب من حمله على الحالة الأولى ومنهم من حمله على الثانية (والثالثة) أن لا يفرق ماله ولا يعنى لكل واحد من الغرماء شيئا ويحول
(٥٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 ... » »»
الفهرست