مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١١٣
العناية، وإذا بلغ أشده أحد من القسمين الأولين واستوى، عاد عروجه بالانسلاخ في معراج التحليل، لاستيناف التركيب الثاني الحاصل للعارفين هنا بعد الفتح، ومتى جاوز الانسان هذه الحالة الأولى، انتقل من أحد العروجين الذي كان ظاهره موهما بانحطاط وانسفال بالنسبة إلى المفهوم من أحسن تقويم إلى العروج الاخر المذكور، فينتشئ لنفسه بربه نشآت اخر أوليها من الكليات نشأة البرزخ، تعقبها نشأتان: حشرية وجنانية أبدية، وكل نشأة من هذه الأربعة من وجه نتيجة عن التي قبلها، وإليه الإشارة بقوله تعالى:
لتركبن طبقا عن طبق (19 - الانشقاق) أي حالا متولدا عن حال قبله، وقولي: كل نشأة من وجه، من أجل ان في مجموع النشآت أمرا ثابتا لا يتغير هو مورد هذه التبدلات، وهو حقيقة الانسان ومادة نشآته وخميرتها ومظهر الوجود الحق الثابت والسر الإلهي المشار إليه، وحال الخلق في سيرهم وعروجهم تارة بالنشآت التي يتطورون فيها، وتارة في النشآت بما حصل لهم حال ارتباطهم بها - موهوبا ومكتسبا - على أقسام:
منهم من قطع به دون اتمام الدائرة الوجودية، المنبه عليها لقصور استعداده، وهو المقول فيه: ثم رددناه أسفل سافلين (5 - التين) لأنه سار نصف الدائرة أو بعضها فحسب، والقسم الأول المتم الدائرة المذكورة هو من: اجره غير ممنون، لاتصال اخر عروجه المعنوي الموهم بالانحطاط ظاهرا بالعروج التحليلي الثاني لتركيب النشأة الثانية من هذه الدار وفيها أيضا، فان النشأة البرزخية - كما لوحنا به - نتيجة الأحوال الدنياوية، سواء عرف الشخص المنشئ لتلك النشأة بأحواله صورة الامر أو لم يعرف.
والعارف المحقق المشاهد إذا رزق الحضور التام الصحيح كان حيا عالما بالمواطن التي ينتقل إليها ويتطور فيها، عارفا باحكامها وبما ينشئ الحق له وبه في العوالم من النشآت، والمرتبطة نفسه بالبدن ارتباطا يعوقه عن الوصول إلى الكمال الذي يستعد له الانسان
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست