مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١٠٩
وحقائق وقوى مؤتلفة. وأفضل ما فيه السر الإلهي، وهو تجلى الوجه الخاص، ومن شأن التجليات - كما عرفت - انها تكون وتظهر بحسب المتجلى له وبحسب المرتبة التي يقع فيها التجلي والوقت أيضا، والحال والموطن للتجلي ونحو ذلك، فلكل مما ذكرنا حكم في الاخر، والا فالوجود الحق واحد والعلم لا يغايره، لما علمت أن علم الحق من وجه عين ذاته والمتعين بالنسبة الإرادية ليس غير مطلق الوجود الذي لا يتجزى ولا يتبعض، فإنما ظهر متعينا ومتخصصا بحكم العين الثابتة وفي مرتبتها، فمتى لم تظهر عليه غلبة الاحكام العينية ولم ينصبغ باحكام مرتبة المظهر صبغا، يختفى بسببه سر أحدية الوجود وحكمه الخصيص به من حيث اطلاقه كما هي، بقى حكم العلم الإلهي الأزلي على أصالته لم يتجدد له وصف غير اضافته للعين التي هي المظهر وتعينه بحسبها، وهذا هو البقاء على الحال الأصلي الأزلي.
والمظهر الذي يختص بهذا الامر له درجة التقريب التام والعبودة المحققة حيث لم يظهر من عينه في الصفات والتجليات الإلهية حكم يوهم تغييرا أو تظهر ويحدث فيها أمرا لم يكن ثابتا لها أزلا، وبمقدار ما يقل احكام العين الممكنة في الصفات الإلهية والتجليات التي هي مظهر لها ولو بالنسبة إلى المدرك للامر الاخر في المجلى يتحقق العبودة، يصح التقريب لتلك العين وبعكس ما ذكرنا، تظهر الربوبية العرضية المستلزمة للبعد بسبب حكم المجلى في المتجلى فيه - لا مطلقا - بل من حيث هو مدرك في ذلك المجلى - مع بقائه من بحث الحقيقة على حاله الأزلي - فافهم هذا تعرف سر المجلى والمتجلى وحكم كل منهما وصفته من حيث الذات ومن حيث الحال العارض، وتعرف أيضا سر العبودية والربوبية الذاتيتين والعرضيتين في الطرفين، وهنا اسرار يحرم كشفها، لا يفوز بمعرفتها الا عبيد الاختصاص - أمناء الله -.
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست