مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ٨٦
تتمة لهذا السر الكلى مع بيان اسرار اخر جليلة هي من وجه من النمط المذكور آنفا اعلم أن الصقالة في الجسم الصقيل هي تساوى اجزاء سطوحه وتوحد كثرته، و تساوى اجزاء السطح عبارة عن عدم الاختلاف الذي هو ضد الصقل، وهو (1) ان يكون بعض الاجزاء السطحية ناتية (2) وبعضها منقعرة ومنحفرة، فالمراد من الصقل:
إزالة الاختلاف من وجه الامر المصقول ليحصل التساوي وتظهر صفة الوحدة المختصة بالوجود الموحد للكثرة، إذ الاختلاف يوجب الكثرة والتساوي (3) في الامر الواحد المذهب للاختلاف والتضاد يؤذن بالأحدية ويظهر حكمها، وهذا في الصور بين جدا.
وإذا عرفت هذا في الأجسام واستحضرت تبعية الأجسام للأرواح والمعانى - وخصوصا في الاحكام - فاعتبر مثله في النفوس والأرواح، فانطباع الصور الكونية في روح الانسان وقلبه هو لنتو والتقعير والتشفير (4) في المراة الموجب للاختلاف المانع من انطباع ما يراد تجليه في المحل الموصوف بما ذكر، وتفريغ المحل عن كل صورة هو الصقل، والتهيؤ الموجب والمستدعى انطباع ما يقابل به المراة الروحية والقلبية أو الامر المصقول كان ما كان، ويسمى ذلك (5) في الأجسام: مقابلة، وهى في الأرواح وما لا يتحيز: القصد بالتوجه والمحاذاة برابطة المناسبة الغيبية المعنوية، وبقدر قلة الاختلاف عموما يقل الصدء ويكثر، ويقوى حكم الصقال وثمرته ويظهر.
ثم إن الصور المختلفة التي تغمر المحل (6) المراد صقله، ان استوعب جميع المحل ورسخ حكمها (7) فيه، فهو الرين والحجاب، وان حصل العموم دون الرسوخ، فهو

(1) - أي الاختلاف - ش (2) - نتونيتو نتوا، أي ورم فهونات - ثابتة - ط (3) - مبتداء خبره يؤذن - ش (4) - شفر شفارة: نقص وقل - التسعير - ط التشعير - م - ك (5) - أي ذلك التهيؤ - ش (6) - وهو القلب - ش - تعم المحل - ج (7) - أي الصورة في المحل - ش
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست