مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ٩٠
حكم أحد هذين القيدين - أعني السلب والايجاب - وسواء عرف الشخص مرتبة الاسم الظاهر بالتفسيرين المذكورين - تفسير أهل النظر وتفسير العارفين - واعتبر الحكم فيه وبالنسبة إليه أو لم يعرف، فان الحكم المتجدد مستصحب ولازم لا محالة، وسواء تعين للحكم صورة في الخارج أو تعلق بصورة غير خارجة عن ذات العالم أو انتفى التعين المذكور والتعلق، فاعلم ذلك.
واما إن كان متعلق العلم المستفاد هو ما سوى الحق، فلا يخلو أيضا اما ان لا يتعلق بالمستفيد أو يتعلق به ولا يتعداه، أو يتعداه مع التعلق به، وأي ذلك كان فإنه لا بد وأن يكون في مباشرته لذلك أو النظر فيه بالفكر والاعتبار بالضمن أو على التعيين يصحبه من ذلك حكم متجدد، اما سلبى أو ايجابي، إذ لا يخلو ذلك العلم اما ان يثبت ما لم يعلم ثبوته من قبل، أو يوجب نفى ما ظن أنه ثابت إلى ساعتئذ أو يزيد ايضاحا في ثبوت الثابت - كما مر - ثبت مثلا بدليل واحد، فلاح في ثبوته للشخص دليل اخر، فان الثقة به تكون أكثر من الثابت بالدليل الواحد، وكل ما ذكر فهو حكم طار ينصبغ به توجه الانسان واعتقاده وحضوره واستحضاره ومعاملته بمباشرة ظاهرة وبدونها، ولا نريد هنا بالعمل الا ما ذكرنا، وهو جلى لا يرتاب فيه منصف مستبصر أصلا. وإذ قد بينا في هذا الامر بعض ما سبق الوعد بذكره، فلنوضح أيضا سر العلم الذي غايته العمل، والعلم الذي ليس كذلك - وان استلزم عملا - لكن بعد التنبيه على مسمى الغاية ما هو.
فنقول: غاية كل شئ منتهاه من حيث هو مطلوبه وفي الوصول إليه كماله، سواء كان مطلوبا له على التعيين ومعلوما، أو معلوما ومطلوبا لأمر اخر يكون هذا الشئ تبعا له في المطلوبية وغيرها ومحكوما، أو آلة أو شرطا وسببا للوصول إلى تلك الغاية - أية غاية كانت - والغايات اعلام الكمالات، فكل غاية أية على كمال يختص بتلك الغاية ويدل عليها، ويكون ذلك بالنسبة إلى مرتبة خاصة تنسب إليها بداية، هذه غايتها، والا فكل غاية بداية لغاية أخرى، فان المبادى والغايات انما تصح بالنسبة والغرض،
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست