مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ٨٧
الغشاء والصدء ونحوهما من الصفات، وان لم يحصل العموم الذي هو الاستيعاب ولا الرسوخ، كان حال صاحبه المزج، والحكم للغالب من حالتي غينه وصقاله، فاعلم ذلك، واما حصول الرسوخ من الصدء في بعض وجوه القلب دون الاستيعاب، فهو لا هل العقائد النظرية وأهل الأذواق المقيدة من ذوي الأحوال والمقامات المخصوصة، الذين ينكرون ما عدا ما ذاقوا ولا يتشوفون إلى غير ما هم فيه، فهم بما حصل لهم من الطهارة والصقال لا حظوا الحق وصار لهم حظ ما من الشهود والمعرفة، لكن لما لم تعم الطهارة كل القلب، حجبهم ما بقى فيهم من الصداء عن كمال الشهود والمعرفة الصحيحة التامة، فقنعوا بما حصل لهم وظنوا ان ليس وراء ذلك مرمى، فظفرهم بالحق - وإن كان (1) مقيدا عندهم - هو لطهارتهم، والحصر والتقيد والوقوف هو لحكم الصدء الباقي فيهم، المانع من شهود الحق المطلق ومعرفته الكاملة، وذلك مما بقى فيهم من الاحكام الامكانية واثار الصور الكونية، فافهم.
وهذه قاعدة متى عرفتها وكشف لك عن سرها عرفت ما الانطباع وما التجلي وما القبول والتلقي والحجب الحائلة. وعلمت سر قوله تعالى: وإليه يرجع الامر كله (123 - هود) من الكثرة إلى الوحدة - كما سبق التنبيه إليه - وتعرف حالتئذ ما الحجب الظلمانية والنورية المذكورة، وانها عبارة عن صور الأكوان المنحصرة في القسم الروحاني والجسماني، وتعرف ما رفعها، وانه ليس بين الحجاب والمحجوب واسطة الا نسبة الاختلاف المدرك وحكمه، وتعلم وترى ما فائدة الحضور والمراقبة للقلب حتى لا تحل فيه المختلفات، و (2) تكدره بعد كشفه جلية الامر، و (3) تحققه بصفة الوحدة المستلزمة للشهود والاطلاع وغير ذلك مما يطول ذكره، ولا يمكن ان يوضح سره، والله الهادي.

(1) - وصلى - ش (2) - عطف على لا تحل - ش (3) - عطف على لا تحل، أي على النفي لا المنفى - ش
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست