مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ٨٢
صرفة، مجردة عن سائر المواد والواردات الإلهية والأوامر والنواهي والتجليات المتعينة وغير ذلك مما قصد طلبه بحسب ما ذكرناه وكل شئ فيه كل شئ، لكنه قد لا يعلم، والمنافي لا يقبل ما لا يناسبه ولا يعرفه من الوجه المجهول والمنافي لعدم الجامع. فذو الحال الطبيعي مثلا إذا جائه أمر روحاني استدعته (1) رقيقة خفية روحانية كامنة فيه من حيث لا يدرى نفر عن ذلك الامر أو التجلي أو ما كان، ورده وانكره ولم يقبله، و هكذا الامر في الروحاني إذا جائه أمر من مرتبة الطبيعة وبحسبها ومن المقام العقلي و بحسبه.
وفي مقابلة كل لسان مما ذكرنا من الحق سبحانه نسبة خاصة يتعين حكمها بالقبول الخاص العبدي واستعداده الحالي العيني، وتلك النسبة المتعينة من الحق تعالى هي المعبر عنها بالاسم الخاص بذلك الامر، أي أمر (2) وأي اسم كان، فافهم.
ومن هذا الباب تجلى التنزيه والتشبيه والرد والانكار الواقع في العالم، ومنه يعرف كون التجليات منها عامة ومنها خاصة بالنسبة، كل ذلك بحسب مراتب المستدعين واختلاف أحوال الطالبين واستعداداتهم، فافهم هذا وتدبر، تعرف كثيرا من سر الحيرة في الله وسر الرد والانكار واختلاف العقائد في الله والحكم بالاتفاق، وسر الدعاء والاجابة والبطؤ في ذلك، والسرعة والنيل والحرمان والعجز والاستظهار والحجاب والبصيرة، وورود الأمور المجهول السبب عند من وردت عليه وقهر بعض الحقائق للبعض دون قصد من اشتملت عليها ذاته وانطوت عليها نشأته، وتعرف ما بينها من التضاد والتباين في الاحكام والآثار، وتعرف غير ذلك أيضا من الاسرار التي هي من لوازم هذا المقام المتكلم منه في هذا الفصل، والله يقول الحق ويهدى من يشاء إلى صراط مستقيم.

(1) - صفة أمر روحاني - ش (2) - من الواردات والتجليات - ش
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست