مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ٧٨
كل مرتبة طلب ومن حيثية كل مقام استدعاء، فان قدر له (1) في وقت شهود. حقيقته التي هي نسبة معلوميته في علم ربه أزلا وشهد (2) أيضا أعيان الأحوال اللازمة لتلك الحقيقة على نحو ما كان الجميع عليه في علم الله أزلا ويكون ابدا، عرف (3) حالتئذ ما يتعين له منها في هذه النشأة والدار ما شاء الله من العوالم، واستشرق (4) على ما تحوى عليه ذاته من الأمور بوجه جملي مع طرف من التفصيل - كما أشرت إليه - وهذا الاطلاع مع عزته وقلة واجدية والفاهمين له يقل زمانه ويستحيل دوامه لسر يتعذر كشفه وبيانه، وربما أشرت إليه في ما بعد إن شاء الله.
وصاحب هذا الشأن المشار إليه يكون في غالب أموره على بصيرة من أحواله يستقبلها ويتلقاها عن شهود محقق بعلم سابق - سواء وافقته أو لم توافقه - وسواء كانت حسنة أو قبيحة عند الناس أو في نفس الامر، لعلمه انه لا محيص له عنها، ويكون في ادعيته أيضا كذلك ما اقترن منها بالإجابة وما تأخرت عنه الإجابة، وأكثر أدعية من هذا شأنه على اختلاف صورها مستجابة، لان كشفه يمنعه ان يسأل الا في ما يجب وقوعه بشرط السؤال أو يمكن، وانما ذكرت الامكان من أجل ما لم يتعين له معرفته تفصيلا، بل اخفى سره في ما أجمل له أو أبقى عليه من أسباب الرد والمنع، لسر الاقتداء والجمع وخفض العبودية والرفع فيرى في ما رأى من صور أحواله التي يستقبلها صورة الدعاء مع المنع، ولا يقدر على التوقف ولا الدفع - لما مر بيانه و أوضح ميزانه - وفي المقام المحمدي الأكمل وميزانه الأتم الأعدل سر ما إليه أشرت و عنوان ما به لوحت.
ثم ارجع وأقول: وإن كان وقت الداعي يقتضى التقيد بحكم مقام خاص ومرتبة

(1) - أي للطالب - ش (2) - عطف على قدر - ش (3) - جزاء قوله: ان قدر - ش (4) - عطف على عرف - ش استشرف - ط - ج
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست