مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ٧٣
(فصل) في التوجه الحبى واحكامه واسراره والتنبيه عليه على سبيل الاجمال اعلم أن التوجه والتشوف والطلب ونحو ذلك كلها بواعث المحبة وألقابها، و تختلف مراتبها وتتعين احكامها بحسب اختلاف حال كل من يظهر عليه حكم المحبة و سلطانها ويقوم به، فان الأوقات بالأحوال تعين صور الاستعدادات الجزئية في الوجود العيني، وتنبه على مرتبة صاحبها تارة من حيث الحال الجزئي المعين واخرى من حيث الذات بحكم الاستعداد الكلى.
وللمحبة أسماء ونعوت أخرى: كالعشق والهوى والإرادة ونحو ذلك، وكلها ترجع إلى حقيقة واحدة، والاختلاف راجع إلى اعتبارات نسبية هي رقائق للمحبة تتعين بحسب أحوال المحبين واستعداداتهم كما مر، وهى - أعني المحبة - على اختلاف أسمائها ونسبها ونعوتها واحكامها لا يصح تعلقها بموجود أصلا، فإنه يكون طلبا لتحصيل الحاصل وهو محال - كما بين من قبل - فتعلقها اذن انما يكون بأمر معدوم عند الطالب حال الطلب وبالنسبة إليه، وإن كان موجودا في نفسه أو بالنسبة إلى سواه، فلا يصح ان يكون الحق سبحانه مطلوبا لاحد ولا محبوبا الا للانسان الكامل والندر من الافراد المشاركين للكمل في هذا الذوق.
واما من سوى ما ذكرنا فمتعلق محبته وطلبه انما هو ما يكون من الحق سبحانه و تعالى، كشهوده - ان لم يكن حاصلا للمحب والطالب - أو دوام شهوده - إذا حصل الشهود - أو القرب منه أو المعرفة به أو فوز الطالب بما فيه سعادته على سبيل الاستمرار و بالنسبة إلى غرض خاص ومطلب معينة كتحصيله مثلا مقاما خاصا أو مرتبة أو حالا أو
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»
الفهرست