مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ٩٢
والمشترط فيه تعيين المادة، يعرف من العلم الطبيعي. والممتنع حصوله في المادة عقلا هو متعلق العلم الإلهي باعتبار، والذي يدرك تارة في المادة وتارة مجردا عنها هو متعلق على الأسماء الإلهية والحقائق الكلية - كالحياة والعلم والوحدة والكثرة والبساطة والتركيب ونحو ذلك - فان هذه معان وحقائق في نفسها، ومن شأنها ان توجد تارة في المجردات واخرى في المواد الجسمانية المنعوتة.
وذلك لان الوحدة مثلا لما حصلت مرة في الحقائق بالتجريد واخرى في ذوات الأجسام، علم أنها بما هي وحدة غنية عن المواد الجسمانية، والا لامتنع وجودها وتعقلها بدون المواد، ولما وجدت مع عدم هذه المواد علم غناها عنها، فاعلم ذلك فإنه ضابط شريف وتقسيم حاصر لطيف يحوى على فوائد جليلة، والله الهادي.
تتمة لهذا الفصل تتضمن ضابطا شريفا كليا في بيان بعض اسرار النهايات وغير ذلك من الفوائد التفصيلية المتفرعة عن الأصل الشامل الظاهر بالانسان الكامل اعلم أن الانسان لا يجنى اخرا الا ثمرة ما كان مظهرا له من الحقائق الأسمائية والكونية أولا على التمام، ويختلف الامر والحال بحسب جمعية المصحح حكمها بالجمعية الأصلية الكبرى المسماة حقيقة الحقائق التي كانت أحوال الكمل من الناس عبارة عن رقائقها وصور احكامها التفصيلية.
فالانسان الكامل هو مظهر هذه الحقيقة والظاهر بها، ولكل انسان من حيث هو انسان جمعية تخصه بالقوة وبالفعل أيضا - فان عم حكم جمعية الشخص - وشملت الأشياء كلها على التمام فعلا وانفعالا وتفصيلا واجمالا على ما سننبه على كليات ذلك فيما بعد، فهو
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست