مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١٤١
والضرب الاخر الاعلى هو انه متى أراد الاجتماع بأحد ولو كان في الأموات، نظر إلى المقام الذي قبض فيه وإلى مستقره من البرازخ، فأنشأ من باطنه صورة روحانية مثالية وأسراها إلى الرقيقة النسبية المثبتة للمناسبة الرابطة بينه وبين ذلك المقام أو المحل، واستدعى المطلوب حضوره فينزل إليه طوعا - إن كان عارفا بكماله - وله السراح من حبوس البرازخ ويأتيه في صورة روحانية مثالية يقتضيها حاله، وإن كان من محابيس البرازخ نزل قهرا بصفة المستدعى وقهره، وإن كان الامر واقعا بين كاملين: فالشأن بحسب الأقوى منهما حالا واكملهما وبحسب التأدب المرعى بينهما أيضا، ولكامل الوقت من حيث سلطنته الحاضرة الدولة، فإنه صاحب المنصب والمتمكن مطلقا في الحالة الذاهبة، ومن هذا المقام قيل لنبينا صلى الله عليه وآله: واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا (45 - الزخرف) فإنه لو لم يتمكن من الاجتماع بمن أمر بالسؤال عنه ما أمر ولا يتأول، فان الامر على ظاهره - أي والله - وعن رؤية ويقين أخبرت، فاذكر.
ثم نرجع ونقول: والغالب وقوعا في مر المحابيس رعاية الأدب مع الحابس والاجتماع به في حبسه - تنزلا لا عجزا - فان من هذا شأنه لا يخلو منه محل لا مقام ولا يعتاص عليه أمر لتحققه بالحق الذي له الخلق والامر، اللهم الا لموجب خفى يحتاج ذكره إلى مزيد بسط، ومن لم يكن كما ذكر فليس بكامل - بل ولا تائب - ظاهر بجميع أحوال الصورة وذي الصورة، وكل بحاله أدرى، والله يعلم السر واخفى.
خاتمة تتضمن وصية ومناجاة بلسان من السنة الكمال اعلم أن الذي يذكر في هذا الفصل مما يشبه الوصية، ليس المراد منه ان الانسان المذكور
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 » »»
الفهرست