مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١٤٠
لم تتمكن من بيان أمر جزئي ولا من الثبات مع صورة مخصوصة أو الارتباط بشئ معين، ولكن مركزيتك ثبتتك ومرتبتك - لشمول حكمها - مكنتك، فمتى شئت أقمت ومتى أحببت ظعنت.
كل شئ أنت فيه حسن * * لا يبالي حسن ما لبسا نعم قد ولا ما صنعا.
واعلم أن في المركزية الموصوفة بالثبات والفلكية الموصوفة بالجمع والإحاطة والدوران اسرارا يجبا لتنبيه عليها، وإن كانت مما لا يذاع، ولكن حقت الكلمة ووجب القول ولا تبديل.
فنقول: لظاهر الانسان الثبات النسبي ولباطنه التنوع، ولظاهر الحق التنوع ولباطنه الثبات، فالباطن الحق عين ظاهر الانسان الكامل، والظاهر الحق عين باطن الانسان، وقد يتحول الحق ظاهرا في الصور يوم القيامة وباطنا هنا، بحسب الظنون والتصورات الاعتقادية والتجليات المظهرية - ان كنت من أهلها - هذا مع العلم المحقق ان حقيقته الغيبية لا تتبدل ولا تتحول، والمحكوم به على كونية الانسان الكامل جمعا واجمالا محكوم به على العالم باسره تعديدا وتفصيلا، كما أن المحكوم به على حقيقته محكوم به على الحضرة الإلهية، فافهم ما ذكرت لك تعرف سر الثبات والحركة حيث ذكرا، وتعرف من أي وجه أنت نقطة وبأي اعتبار أنت عرش محيط دائم الدوران. والله الهادي.
ومن علاماته تمكنه من الاجتماع بمن شاء من الخلق - الاحياء منهم والأموات متى عينه الحق له - ويكون ذلك على ضربين: الواحد انه ينظر مستقر من يريد الاجتماع به من العوالم، فيتلبس بالصورة التي له في ذلك المقام والعالم، فان له في كل موطن ومقام صورة يناسب الموطن والمقام، ثم يجتمع به، فإذا انتهى حكم قصده من ذلك الاجتماع نزل على الرقيقة الرابطة بين تلك الصورة وبين صورته الجامعة إلى صورته.
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 » »»
الفهرست