مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ٨٣
ضابط شريف يحوى على عدة اسرار وفوائد كل ما أدركته بعلمك ولم ينته نظرك فيه إلى ادراك ما ورائه - سواء غايره مغايرة الصورة لمعناها أو روحها - أو مغايرة الوجود للحقيقة المتصفة به أو لم يغايره، فإنك ما أدركته حق الادراك التام، ومتى أوجب لك إدراكك له أو رؤيتك إياه التعدي إلى ما ورائه، فحينئذ يصح ان يقال انك أدركته أو رأيته رؤية تامة حقيقية أحاطية، لأنه ما من شئ من المدركات الظاهرة والباطنة الا ويوجب النظر فيه - مشاهدة وعلما - الانتهاء (1) إلى ما ورائه، حتى النظر في الحق تعالى - إذا كان الناظر تام النظر أو تام الكشف - هو بهذه المثابة، فإنه ما لم يتعد نظرك ما علمت، وأدركت من الحق إلى ما ورائه، لم يتحقق (2) سر ليس وراء الله مرمى لرام، وان (3) ليس بعد الوجود المحض الذي هو الخير الا عدم متوهم في المقابلة يحكم عليه بأنه الشر والضد للوجود، ولم (4) تعلم أيضا ان الحق لا يحاط به علما وان (5) نسبة ما تعين لك أو لغيرك نسبة المتناهى إلى غير المتناهى، ونسبة المقيد المنضبط إلى الامر المطلق الذي لا ينضبط. وهذا أصل كبير يعسر فهمه ابتداء، الا لمن كحل الله بصيرته بنور تجليه، فإنه من سر المطلع الذي لا يخلو شئ عن حكمه.
وتعلم من هذا الذوق ان الشخص متى حقق النظر كشفا أو عقلا في كل موجود مقيد، انتهى به الامر - إذا كان تام الادراك - ان يعلم من قيده اطلاق الحق سبحانه وتعالى مع كشفه انه مجلي من مجاليه ومظهر له وظاهر به أيضا، وكذلك يعرف من كل ما ينطبق

(1) - مفعول يوجب - ش (2) - أي لم يعلم - ش (3) - عطف على ليس - ش - مرمى وان - م - ك (4) - عطف على لم يتحقق - ش (5) - عطف على أن الحق - ش
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست