مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١٣٥
وتستدعيه من نسخة وجودك، وايفائها حقها المودع لديك، واخذك حقك المخزون فيها بيد المرتبة والحكمة الإلهية الكمالية لا بيد الطلب المعين والميل التعشقي من غير توقف حال الاخذ وبعده، بل على سبيل الاجتياز حاضرا مع التنوعين المذكورين من قبل، ويصحب ما ذكرنا تجلى الاسم الدهر والشأن الإلهي.
فإذا صرت كما ذكرنا، لن تبقى بعد ذلك ولا حينئذ تحت حكم حالة خاصة ولا مقام معين، بل أنت حالتئذ مع مطلق الحال الكلى الذي يكون نسبة الأحوال كلها إليه نسبة الألوان المختلفة إلى مطلق اللون الكلى، وحكم هذا الحال المطلق فيك، إذ ذاك استجلاء صور الموجودات كلها والمعلومات جميعها التي صرت مرآة لها فيك، ثم استجلاء ما فيك فيما خرج عنك باعتبار.
فان تحققت مع ذلك بالتجلي الذاتي المعتلى على الأسماء والصفات والمراتب والنسب والإضافات - كما مر ذكره - ظهر حكمك من حيث مقامك المطلق في غيب ذات ربك ولم يظهر عينك، فكنت تبعا لما أنت مرآة له - أعني الحضرتين المذكورتين - يحكم بك في كل شئ ويظهر حكمك فيه به وبك من حيث هو وبحسبه، لا من حيث أنت ولا بحسبك، إذ ليست لك حيثية تتخصص بها ولا نعت يقيدك تكون بحسبه، ولا أمر يخصك تتحدد به - مع قبولك كل أمر ووصف واسم - وظهورك - بكل نعت وحال ورسم وحكم، وظهور سلطنتك في كل معلوم وعلم حادث أو قديم، موجود أو معدوم، قابل للظهور بالوجود في بعض مراتبه أو كلها أو غير قابل، فمتى عدت كذلك، كنت الخفى الجلي، والمتسفل العلى، والحادث الأزلي، والطالب الحفى والعزيز الغنى.
وحينئذ تكون على الصورة الإلهية المقدسة الغيبية، عبد الله في دائرة عرصة الكون حسب السيادة الظاهرة، ومحتجبا بربك بعد استخلافه الذاتي وراء سبحات
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست