مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١٣١
عنك وزواله منك في وقت من الأوقات أو حال من الأحوال أو لا يثبت لك ذلك الا في موطن دون موطن وفي نشأة معينة وبشرط أو شروط، فذلك الامر متعلقه الاستعداد الجزئي وانه من مقام الجعل - وما ليس كذلك - فمتعلقه الاستعداد الكلى الغيبي، وكذا كل ما يتوقف حصوله لك على أمر وجودي غير مطلق الوجود الحق، فهو مجعول وبالاستعداد الجزئي مقبول، وما يمكن قبولك له غير ما ذكر، فلا حكم فيه للجعل ولا للاستعداد الجزئي، واعتبر هذا الأصل في نفسك وفي ما خرج عنك وما لغيرك أو لك فيه اثر ظاهر أو باطن بالذات أو بالفعل الإرادي الجزئي أو الحال أو المرتبة، تعرف سر ما نبهت عليه إن شاء الله.
والتنوع والاختلاف في كل ذلك راجع للتناسب الثابت بين الأشياء والتنافر الناشئين من غلبة حكم ما به الاتحاد أو حكم ما به الفصل والامتياز، وهما - أعني الامتياز والاتحاد - ثابتان لما تميز أو توحد لا بجعل، بل الله يقبض فيرى حكم الجمع وسلطنة الوحدة ويبسط فيظهر حكم التمييز الذاتي والتفصيل الكامن من قبل في أحدية الجمع، فافهم. فوالله ما أظنك تفهم مقصودي - وان كنت معذورا - واما السلطنة المشار إليها، فهي بحسب كبر الجمعية، وكبر الجمعية بحسب الحيطة وسعة الدائرة في الحكم والاستيعاب والتعلق، وكل جمعية كانت أتم اندماجا مع الحيطة وأقوى توحدا، كانت سلطنتها أقوى وحكمها أسرع نفوذا، والقليل الاندماج - القريبة من التفصيل شبها أضعف سلطنة وأبطأ اثرا - فاعلم ذلك - واما الأدب اللازم في ذلك فهو ان عرف الشخص رب حاله ووقته ومن له السلطنة عليه من حيثيتها - فيوفيه حقه ويعبد الحق المطلق من تلك الحيثية التي تعين منها سبحانه لهذا العبد، مقبلا بسره نحو أحدية جمع الهوية التي لها مقام الجمع والوجود الذي هو منبع الاحكام والمراتب والأسماء والمسميات والنسب الصفاتية والإضافات، وحال الكامل في ما ذكرنا مخالف لحال غيره من أهل المعرفة والشهود - على ما ستعرفه
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست