مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١٣٢
مما يذكر عن قريب في شرح حاله إن شاء الله - والبطؤ والسرعة - قد مر حديثهما أيضا فاذكر -.
قولي: متى يكون عدم الشهود موجبا لحرص الطالب وزيادة تشوق المؤهل للكمال ومتى لا يكون؟
اعلم أنه ما لم يعرف الانسان ما يقتضيه حقيقته وما يؤل إليه امره على مراد الله تعالى فيه معرفة حقيقية شهودية، وما حصته من الوجود المطلق وما مرتبته في نفس الحق، وهل هو ممن حذى على صورة الحضرة؟ فهو الظل التام لها والظاهر بها أو نصيبه شئ ما منها؟ ثم ذلك النصيب ما نسبته من الجملة، هل الربع أو الثلث أو النصف أو أقل أو أكثر؟ ولا يكون هذه المعرفة والمشاهدة من نفسه بحسب حالته الذاهبة، بل بحسب ما يستقر ويصح له اخر امره بعد تميز الدارين، فإنه يحرص ويطلب ويتشوق ويحكم عليه الآمال والأماني.
ومتى تحقق ان الحاصل له من الصورة وإن كانت حصة معينة منها، فإنما ذلك في الحال الحاضر ولا يطلع على مآله ومنتهى مقامه وحاله، فإنه يتشوق أيضا ويطلب كما قلنا، لكن متى علم علما شهوديا محققا انه على الصورة وانها ظهرت في مراتيته ظهورا تاما واستوعب سائر احكامها واطلع على عينه الثابتة وشاهد صورة تلبسه بالأحوال الوجودية إلى منتهى امره الذي يستقر عليه من حيث النسبة الكلية، إذ لا استقرار الا بهذا الاعتبار، لم يبق له تشوق معين إلى مطلب مخصوص أصلا، الا إن كان قد شاهد ذلك في جملة ما شاهده من الأحوال التي سيتلبس بها، فإنه يتلبس بالتشوق والطلب عن علم وشهود به وبثمرته، فيرى انه سيحرص على كذا في وقت كذا على وجه كذا، أو يتحققه شهودا أو معرفة أو اخبارا إلهيا بواسطة أو دونها، لكن على وجه رافع للالتباس،
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»
الفهرست