مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١٠٨
دخوله عالم النبات تعرض له آفات فيفسد قبل التمام أو التناول، فينفصل منه ثم يعود إليه في زمان اخر قريب أو بعيد، وقد تكون الآفة باتصاله بنبات ردئ بعيد عن الاعتدال لا تتأتى لحيوان تناوله أصلا، وإن كان مما يتأتى تناوله فيفسد ذلك الحيوان فينفصل منه أيضا بهذا الطريق.
وقد تطرأ عليه الآفة بعد اتصاله بعالم النبات بان يتناوله حيوان، ويفسد ذلك الحيوان قبل ان يتناوله انسان، أو يعوق عن انتقاله عن ذلك الحيوان إلى الطور الإنساني عائق، أو يموت الانسان المتناول له قبل ان يتعين له فيه مادة فيتحلل ويخرج. ثم يعود إلى الرتبة الحيوانية، هكذا مرة ثانية أو مرارا كثيرة، وبمقدار ما يكثر ولوجه وخروجه، ويكثر تصادمه للقوى والخواص المودعة في المراتب التي تمر عليها، والموات التي تتلبس بالفساد والتكرار يكتسب الكيفيات المعنوية المودعة فيما ذكرنا.
فإن كان الغالب من الجملة حكم المحمود منها والمناسب انتفع بها، ولكن فيما بعد كلفة ومجاهدة، وإن كانت الأغلبية في الحكم لغير المحمود والمناسب، قل علمه وتذكره لمراتب وجوده وتنقلاته، بل ربما خفى عليه ذلك بالكلية وبمقدار ما يقل التكرار والكيفيات المخالفة يسرع إليه التذكر ويسهل عليه الفتح والطريق والسر الإلهي المكنى عنه بقدم الصدق وبالعناية الأزلية وبرزة التجلي ونحو ذلك - كما سبق التنبيه عليه هو الأصل في ذلك - فمتى لم ينصبغ باحكام المراتب انصباغا يوجب خفاء سر الأحدية وحكم البرزة المذكورة، كانت الغلبة للسر الاحدى والبرزة المنبه عليها، وإلى ذلك الإشارة بقوله:
والله غالب على امره (21 - يوسف).
ومتى حجب انصباع احكام المراتب والحضرات ذلك السر الإلهي المذكور وحكمه، كان الأثر لأغلبها حكما حالتئذ، إذ قد علمت أن الانسان مركب من اجزاء شتى مختلفة
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست