مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١١٤
من كونه انسانا ولم يحصله بوهب أو كسب فيما أمكن التكسب فيه، بقى في أسفل سافلين، و يكون انتقاله وسيره فيما قدر له المرور عليه من المواطن وتلبسه بالصفات والأحوال بحسب ما أودع الله تعالى في تلك المواطن والعوالم من الخواص، وبحسب خواص نشأته واثارها فيه، وهو في كل ذلك لا يعلم فيما ذا ينقلب، ولا ما يؤل إليه امره، ويكون كماله المختص به في هذا الموطن الدنياوي ما انتهى إليه في اخر نفسه عند الموت، وسيلوح ببعض سره فيما بعد إن شاء الله.
فالامر دائرة والسير دوري - لا خطى - فمن قدر له اتمامها، تم له السلوك وكمل وابتدأ ينشئ بسيره دورة الهية أخرى، مبدئها من حين رؤيته الأشياء بالله ومعرفته بالوجود الواحد الحق بعد الشهود، وهذا أول درجات الولاية وأول مقام المعرفة الثانية بتقابل النسختين.
وأصحاب السلوك فيما ذكرنا على طبقات بحسب سيرهم ومقاماتهم وعناية الحق بهم فيما يتقلبون فيه، إذ لكل مرتبة أول ووسط واخر، ولكل مما ذكرنا أهل، واخر المقامات متصل بأول مقام الكمال المقصود هنا ايضاح احكامه وآياته وأربابه.
وأهل الدرجة الأولى من مقام الكمال من كان الحق سمعه وبصره - كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله - وأوسطه من كان الحق يسمع به ويبصر وينطق، وإليه الإشارة بقوله: ان الله قال على لسان عبده: سمع الله لمن حمده.
واخر درجات الكمال المتعينة والممكن الذكر بالتنبيه التمحض والتشكيك، لسر الجمع الاعتدالي الوسطى والخروج عن حكم التعينات والتنبيه عليها بالإشارات، فلسان التمحض: ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم (10 - الفتح)
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست