مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١١٦
واحكام أصحابها، متى عرف حالهم ونسبتهم من هذين الفلكين الإلهي والإنساني بالصفة الشمسية والقمرية، ومعرفة الاسمين الربانيين الخصيصتين بهما والتحقق بالسر الجامع بينهما وبين سواهما.
ومن لطائف اسرار ما ذكرنا وآية معرفته معرفة: لم كان دور القمر صغيرا، الذي هو عند المحققين سماء الأجسام والصور، ونظيره هنا الفلك البدني بالعمر الإنساني المزاجي العنصري، وهو الأول في التعيين الجمعي والاستوائي، وما فوقه أكبر حتى إلى الثامن، فيقطع القمر فلكه في ثمانية وعشرين يوما ويقطع الكوكب من الثوابت فلكه في ثمانية وعشرين الف سنة وكسر - على رأى متأخري أهل الرصد وهو الصحيح كشفا - ما زاد القمر على الثمانية والعشرين يوما من السير المحسوب بالدقائق والكسور، فبمقدار زيادة سير الثوابت على الثمانية وعشرين الف سنة بمقتضى النسبة والميزان الخصيصتين بهما، لكن لا يعلم تحقيق ذلك الا الله ومن شاء من عباده، فافهم.
وفيه - أي في الفلك الثامن - ينتهى الكبر في صورة البطوء، كما أن في نشأة من يكون فوقه - وهو التاسع - ينتهى حكم الدوام في نشأة واحدة ويظهر سر السرعة مع عظم الفلك وإحاطته، وكذلك سرعة قبول التكيف والتغير والكون حاصل في أهل الجنة بحسب حكم الحركة العرشية، ومن هنا يرتقى الانسان إلى شهود ما منه خارج عالم الأجسام ومعرفته، وما يقبل التنوع منه والتغير - حالة التنقل والتطور في العوالم والأحوال والنشآت - وما لا يقبل التنوع منه ولا التغير والتناهي.
فاعرف ما سمعت وما ادرج لك في هذه الكلمات، ولا تحسبه علاوة خارجة عما قصد ايضاحه، فليس الامر كذلك، بل هو نبأ عظيم وسر جليل مجمل يطول تفصيله ويعسر افهامه وتوصيله الا لمن كحلت عين بصيرته بعد الاتحاد بالبصر بنور اليقظة واليقين، وانتظم في سلك المتمكنين من عباد الله المحققين، فالحمد لله رب العالمين.
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست