مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١١٧
قولي: من أوجده؟ أوجده الحق من حيث تجلى باطنه لظاهره بموجب تعينات شؤون ذاته الظاهرة بوجوده الواحد أصلا، المتكثرة من حيث تعدد الشؤون المذكورة، وكل ذلك بداعي المحبة الإرادية وحكم النسبة الجامعة الأصلية، وقد سبق التنبيه على جميع ذلك.
قولي: لم وجد؟
وجد للتحقق بالكمال المتوقف على الظهور والسريان المفضى إلى انصباع كل فرد من افراد مجموع الامر كله بحكم الجميع وصورته بوساطة بعضه بعضا، وارتباط النسب بالحكم ظاهرا أيضا على نحو ما كانت عليه باطنا، ليحصل الكمال ويظهر بالجمع بين الغيب والشهادة حكم كل ما اشتملا عليه وصورته، فتتم الاعتبارات العلمية وتظهر الأحوال والكيفيات الوجودية تماما وظهورا فعليا شهوديا وانفعاليا مشهديا.
وهذا سر مطلق الايجاد وحكم الجمعية الكبرى التي من عرفها وعرف ما ذكرناه هنا من سرها، عرف نسبة جمعيته من تلك الجمعية الإلهية المشار إليها، وعرف ان الحكم والحال في نسخة وجوده ودائرة مرتبته واجزاء ما يقبل التجزئة والقسمة منه واقع على نحو ما هو الامر في مطلق الصورة الكلية الوجودية، فالعلمية المرتبية الأولى، والحكم كالحكم، فافهم وانظر حظك من أصل الامر وما حصتك منه، هل الكل أو البعض؟ تعرف قدرك وتستشرف على غايتك وطورك، وتعرف سر الايجاد وحكمه ومنتهاه وعلته وسببه.
قولي: ما غايته في اتيانه؟
غاية كل أحد من الوجه الكلى المرتبي والعمل المتعدى الحكم هو ما ينتهى إليه من الكمالات المتحصلة بهذه النشأة العنصرية وفيها، واما من حيث التفصيل والعلم دون العمل المثمر بالتعدي، فلا غاية ولا استقرار.
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست