الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨٣٤
وقال بعض الصحابة، وأظنه جابر بن عبد الله ما كنا نسمي براءة إلا الفاضحة.
قال أبو محمد: فسورة قرئت على جميع العرب في الموسم، وتقرع بها كثير من أهل المدينة، ومنها يكون منها آية خفيت على الناس؟ هذا ما لا يظنه من له رمق وبه حشاشة.
ويبين كذب هذه الأخبار ما رويناه بالأسانيد الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم:
كان لا يعرف فصل سورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم، وأنه عليه السلام كانت تنزل عليه الآية فيرتبها في مكانها، ولذلك تجد آية الكلالة - وهي آخر آية نزلت وهي في سورة النساء - في أول المصحف، وابتداء سورة * (اقرأ باسم ربك) * في آخر المصحف، وهما أول ما نزل، فصح بهذا أن رتبة الآي ورتبة السور مأخوذة عن الله عز وجل إلى جبريل، ثم إلى النبي عليه وسلم، لا كما يظنه أهل الجهل أنه ألف بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان ذلك ما كان القرآن منقولا نقل الكافة.
ولا خلاف بين المسلمين واليهود والنصارى والمجوس أنه منقول عن محمد عليه السلام نقل التواتر.
ويبين هذا أيضا: ما صح أنه صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن كل ليلة في رمضان على جبريل، فصح بهذا أنه كان مؤلفا كما هو عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وقوله صلى الله عليه وسلم: تركت فيكم الثقلين: كتاب الله وأهل بيتي. والأحاديث الصحاح أنه صلى الله عليه وسلم قرأ: المص والطور والمرسلات في صلاة المغرب، وأن معاذا قرأ في حياته صلى الله عليه وسلم البقرة في صلاة العتمة، وأنه صلى الله عليه وسلم خطب ب‍ * (ق والقرآن المجيد) * وذكر صلى الله عليه وسلم خواتم آل عمران وسورة النساء، وأمره عليه السلام أن يؤخذ القرآن من أربعة: من أبي، وعبد الله بن مسعود، وزيد، ومعاذ.
وقول عبد الله بن عمرو بن العاص للنبي عليه السلام في قراءة القرآن كل ليلة:
وأمره صلى الله عليه وسلم أن لا يقرأ في أقل من ثلاث، والذين جمعوا القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم جماعة ذلك منهم أبو زيد، وزيد، وأبي، ومعاذ، وسعيد بن عبيد، وأبو الدرداء، وأمر صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو بقراءة القرآن في أيام لا تكون أقل من ثلاث، فكيف يقرأ ويجمع وهو غير مؤلف، هذا محال لا يمكن البتة.
(٨٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 829 830 831 832 833 834 835 836 837 838 839 ... » »»
الفهرست