الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨٣٠
ولكنا نقول: إنهم يصيبون ويخطئون، وكان كل ما قالوه مردود إلى القرآن والسنة، ومعروض عليهما فلأيهما شهد القرآن والسنة فهو الصحيح، وغيره متروك، معذور صاحبه الذي قاله، ومأجور باجتهاده، وأما مقلده ومتبعه فملوم آثم عاص لله عز وجل، وبالله تعالى التوفيق.
وذكر بعضهم أن إبراهيم النخعي قال: لو رأيتهم يتوضؤون إلى الكوعين ما تجاوزتهما وأنا أقرؤها * (المرافق وامسحوا) *.
قال أبو محمد: هذا كذب على إبراهيم، ولو صح ما انتفعوا به، ولكان ذلك خطأ من إبراهيم عظيما، فما إبراهيم معصوم من الخطأ، فكيف ولا يصح عنه، لان راويه عنه أبو حمزة ميمون، وهو ساقط جدا غير ثقة، وإنما الصحيح عنه خلاف هذا من الطرق الصحاح. كما حدثنا أحمد بن عمر بن أنس، ثنا أبو ذر الهروي، ثنا عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي، ثنا إبراهيم بن خزيم، نا عبد ابن حميد الكسي، ثنا محمد بن بشر العبدي، عن الحسن بن صالح، عن أبي الصباح، عن إبراهيم النخعي قال: لا طاعة مفترضة إلا لنبي. وكما حدثنا حمام بن أحمد، عن عبد الله بن إبراهيم الأصلي، عن أبي زيد المروزي، عن محمد بن يوسف الفربري، عن البخاري محمد بن إسماعيل، ثنا محمد بن يوسف، ثنا سفيان، هو الثوري، عن منصور، عن سعيد بن جبير قال: كان ابن عمر يدهن بالزيت، قال: فذكرته لإبراهيم النخعي فقال: ما تصنع بقوله؟ حدثني الأسود عن عائشة قالت: كأني أنظر وبيص الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم.
قال أبو محمد: فهذا الذي يليق بإبراهيم رحمه الله، وهو ألا يلتفت إلى قول ابن عمر إذا وجد عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه، فكيف يظن من له مسكة عقل أن إبراهيم يترك قول ابن عمر لشئ رواه عن الأسود عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم ويترك نص القرآن لقوم لم يسمعهم ما يظن هذا بإبراهيم وينسبه إليه وقاح سخيف جاهل، وبالله تعالى نعوذ من الخذلان.
(٨٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 825 826 827 828 829 830 831 832 833 834 835 ... » »»
الفهرست