الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨٣٣
رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته شهادة رجلين: * (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) *.
قال أبو محمد: بيان ما قلناه منصوص في هذا الحديث نفسه وذلك أن زيدا حكى أنه سمع هذه الآية من النبي صلى الله عليه وسلم. فقد كانت عند زيد أيضا، وقد يدخل هذا الحديث علة، وهي أن خارجة لم يحك أنه سمعه من أبيه.
وأيضا فقد حدثنا عبد الله بن ربيع التميمي قال: ثنا محمد بن معاوية المرواني، ثنا أحمد بن شعيب، أنا محمد بن معمر، ثنا أبو داود، هو الطيالسي، حدثنا أبو عوانة، عن فراس، عن الشعبي، عن مسروق: عن عائشة أنها أخبرته أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سارها قبل وفاته فقال لها: إن جبريل كان يعارضني القرآن في كل عام مرة، وإنه عارضني به العام مرتين، ولا أرى الاجل إلا قد اقترب وذكر باقي الحديث فهذا نص جلي على أن القرآن إنما هو جمعه وألفه الله تعالى، وأقرأه جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم في عام موته مرتين كما هو، وإنه لم يجمعه أحد دون الله تعالى، فهو كما هو الآن على ذلك الجمع الأول.
وأيضا فقد حدثنا أحمد بن محمد الجسوري، ثنا وهب بن مسرة ثنا ابن وضاح، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا معاوية، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: أي القراءتين تعدون أول؟ قلنا: قراءة عبد الله، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض عليه القرآن في كل رمضان مرة إلا العام الذي قبض فيه، فإنه عرض عليه مرتين، فحضره عبد الله فشهد ما نسخ منه وما بدل.
قال أبو محمد: أبو ظبيان هو حصين بن جندب الجنبي، وقد ذكرنا من جمع القرآن على عهده صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن هذه الآية في جملته عندهم، وليس عدم زيد وجودها إلا عند خزيمة بموجب أنها لم تكن إلا عند خزيمة، بل كل من قرأ على عثمان وأبي الدرداء وابن مسعود وعلي قد قرؤوا عليهم هذه الآية بلا شك، وفي هذا كفاية.
وقد روى قوم أن الآية التي افتقد زيد من سورة براءة وهي: * (لقد جاءكم رسول من أنفسكم) * وهذا كذب بحت لكل ما ذكرنا آنفا.
وأيضا فقد روي عن البراء: أن آخر سورة نزلت سورة براءة، وبعث بها النبي صلى الله عليه وسلم فقرأها على أهل الموسم علانية.
(٨٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 828 829 830 831 832 833 834 835 836 837 838 ... » »»
الفهرست