الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨٣٢
بعض الزكاة أو بعض الحج أو بعد حد الزنى أو حد القذف، أو إسقاط جميع ذلك، وإما زيادة في شئ منها، أو إحداث فرض جديد، وإما إحلال محرم كتحليل لحم الخنزير والخمر والميتة، وإما تحريم محلل كتحريم لحم الكبش وما أشبه ذلك.
وأي هذه الوجوه كان، فالقائل به مشرك، لاحق باليهود والنصارى، والفرض على كل مسلم قتل من أجاز شيئا من هذا دون استتابة ولا قبول توبة إن تاب، واستصفاء ماله لبيت مال المسلمين، لأنه مبدل لدينه، وقد قال عليه السلام: من بدل دينه فاقتلوه ومن الله تعالى نعوذ من غضبه لباطل أدت إلى مثل هذه المهالك، واحتجوا بكتابة أبي بكر المصحف بعد أن لم يكن مجموعا، وذكروا حديثا عن زيد بن ثابت أنه قال: افتقدت آية من سورة براء هي:
* (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم) * الآية. فلم أجدها إلا عند رجل واحد، وذكروا في ذلك تكاذيب وخرافات، أنهم كانوا لا يثبتون الآية إلا حتى يشهد عليها رجلان، وهذا كله كذب بحت من توليد الزنادقة.
وأما جمع أبي بكر رضي الله عنه المصحف فنعم، ووجه ذلك بين، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينزل عليه القرآن مفرقا، فيأمر بضم الآية النازلة إلى آية كذا من سورة كذا، فلم يكن يمكن أن يكتب القرآن في مصحف جامع، لأجل ذلك، فلما مات صلى الله عليه وسلم واستقر الوحي، وعلم أنه لا مزيد فيه ولا تبديل، كتبه أبو بكر حينئذ وأثبته.
وأما افتقار زيد بن ثابت الآية، فليس ذلك على ما ظنه أهل الجهل، وإنما معناه أنه لم يجدها مكتوبة إلا عند ذلك الرجل، وهذا بين في حديث حدثناه عبد الرحمن ابن عبد الله، عن أبي إسحاق البلخي، عن الفربري، عن البخاري حدثنا أبو اليمان، أنا شعيب عن الزهري قال: أخبرني خارجة بن زيد بن ثابت: أن زيد بن ثابت قال:
لما نسخنا المصحف في المصاحف فقدت آية من سورة الأحزاب، كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها، لم أجدها مع أحد إلا مع خزيمة بن ثابت، الذي جعل
(٨٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 827 828 829 830 831 832 833 834 835 836 837 ... » »»
الفهرست